وهذا ما يحسّه كل من يراقب كثيرًا من المجتمعات، وما يدور فيها من أمور قد بدأ يتكاثر سوءها، مع التيارات التي تعصف ببعض الأمم، عقابًا عاجلاً من الله؛ لكي تفيق نفوس من غفلتها، يقول سبحانه:{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}.
ومن رحمة الله بأمة محمد، أنه لا يعاقبهم – سبحانه – بثل ما عوقبت الأمم السابقة، استجابة لثلاثة أمور طلبها صلى الله عليه وسلم لأمته من ربه، فأعطي اثنتين ومُنِعَ الثالثة، وممّا أعطيه:«ألاّ يهلك أمته كما أهلكت الأمم السابقة بسنة عامة»(١)
وقد جعل الله سبحانه لأمة محمد صلى الله عليه وسلم مصدرين يُسكِنان اضطراب النفس البشرية، لترتاح بهدي الله في مسيرتها، وتطمئن على حاضر أمرها وأمن مجتمعها هما: كتاب الله، وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وهما وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته، لما آنس الصحابة من خطبته في حجة الوداع، قرب الفراق فقالوا: يا رسول الله، كأنها خطبة مودّع فأوصنا.
فيجب الحرص على تمكينهما من قلوب الشباب: فهمًا وفكرًا وتطبيقًا ومنهج سلوك، حتى تطمئن قلوبهم وتستقر مشاعرهم، نتيجة هذه الوصيّة، وبهذا تقوى الحصانة الفكرية لديهم؛ لأن العلم في
(١) من حديث سألت: ((ربي ثلاثاً، فأعطيت اثنتين ومنعت الثالثة))، رواه مسلم.