للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (١٥٥) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}.

فإذا كان الإنسان في حياته الخاصة، إذا أصابه مرض وأحسّ بالألم، يلجأ إلى الطبيب؛ ليأخذ علاجًا يهدئه أمانًا صحيًا، فإن البلوى في نزول المصائب على النفوس المؤمنة أكبر، فهي مأمورة بما يقوي إيمانها؛ لتستعين على ذلك بالصبر والتّحمل، الذي جعله الله مرتبة إيمانية، في مجابهة ما ينزل من المصائب، التي جاءت في الآية الكريمة، وهذا علاج يترسّخ الإيمان به، ويتمكن في القلب ليطمئن؛ لأن تسليم الأمور لله، وربط النفس بخالقها، بدل الجزع ممّا حلّ، لتأمن العواقب نتيجة الصبر والاحتساب، مما أنعم الله به في الآيات السابقة، على من رضي واطمأن احتسابًا وامتثالاً، باسم المهتدين السائرين على الدرب المستقيم والراضين بما قدر الله عليهم.

والصبر يأتي على ضربين: صبر المؤمن الذي يرجو جزاء الله، ويخاف عقابه، فيتحمّل في ذلك برضى واطمئنان أمورًا كثيرة، وهذا هو الذي حثّ عليه الله سبحانه، في أكثر من ستين موضعًا ف القرآن الكريم.

وهذا أول نوع من الجهاد، فرض في الإسلام فقد مكث صلى الله عليه وسلم، في مكة ثلاث عشرة سنة، يرسّخ في أصحابه عقيدة