للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبذلك يمكن حمل الرواية السابقة (المطلقة) على هذه المقيدة، فيكون الحكم: أن المقبوض فاسدًا يملك بالفوات، وإلا فلا؛ لأنهما روايتان متعارضتان لدى فقيه واحد، وذلك من باب الجمع والتوفيق عند التعارض، وهو حمل المطلق على المقيد.

ويبدو أن دليلهم في هذا الاتجاه: عموم ما ذهب إليه الجمهور، من أن العقد الفاسد حرام، ولا يجوز الانتفاع به بأي صورة من آثار العقد الصحيح، فكيف يكون ذلك والواجب فسخه، شاء المتبايعان أم أبيا، حتى قال ابن القاسم (ت: ١٩١ هـ): (هذا حرام ويردّ) (١) أما إذا فات، فتكون شبهة الملك لتعذر الردّ.

ويبدو أن المالكية توسطوا في هذه المسألة (٢) بين الحنفية والشافعية، قال الزركشي (ت: ٧٩٤ هـ): (وأما المالكية، فتوسطوا بين


(١) فتح العلي المالك (١/ ٣٤٢). ') ">
(٢) هذه من المسائل التي توسط المالكية فيها بين الأقوال، فقد توسطوا في مسألة لمس المرأة: فقال الحنفية: لا ينقض الوضوء بشهوة وبدون شهوة، وقال الشافعية والحنابلة: ينقض بكل حال. فذهب المالكية إلى التوسط، فقالوا: إن كان اللمس بشهوة ينقض وإلا فلا. بداية المجتهد (١/ ٣٧ - ٣٨). كما توسطوا في مسألة القراءة خلف الإمام: فقال الحنفية: لا يقرأ مطلقًا، في السرّ والجهر، وقال الشافعية والحنابلة: يقرأ مطلقًا في كل حال. فذهب المالكية إلى التوسط، فقالوا: لا يقرأ إذا سمع قراءة الإمام، ويقرأ إذا لم يسمع. بداية المجتهد (١/ ١٥٤).