للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبه: قال السلفي: ومما يدل على صحة عقيدته ما سمعت الخطيب حامد بن بختيار، سمعت أبا المهدي بن عبد المنعم بن أحمد السروجي، سمعت أخي أبا الفتح القاضي يقول: دخلت على أبي العلاء التنوخي بالمعرة بغتة، فسمعته ينشد

كم غودرت غادة كعاب

وعمرت أمها العجوز

أحرزها الوالدان خوفا

والقبر حرز لها حريز

يجوز أن تخطئ المنايا

والخلد في الدهر لا يجوز

ثم تأوه مرات، وتلا قوله تعالى: إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة إلى قوله: فمنهم شقي وسعيد ثم صاح وبكى، وطرح وجهه على الأرض زمانا، ثم مسح وجهه، وقال: سبحان من تكلم بهذا في القدم! سبحان من هذا كلامه! فصبرت ساعة، ثم سلمت، ثم قلت: أرى في وجهك أثر غيظ؟ قال: لا، بل أنشدت شيئا من كلام المخلوق، وتلوت شيئا من كلام الخالق، فلحقني ما ترى. فتحققت صحة دينه.

وبه: قال السلفي: سمعت أبا زكريا التبريزي يقول: أفضل من قرأت عليه أبو العلاء. وسمعت أبا المكارم بأبهر -وكان من أفراد الزمان - يقول: لما توفي أبو العلاء اجتمع على قبره ثمانون شاعرا وختم في أسبوع واحد مائتا ختمة. إلى أن قال السلفي: وفي الجملة فكان من أهل الفضل الوافر، والأدب الباهر، والمعرفة بالنسب وأيام العرب، قرأ القرآن بروايات، وسمع الحديث على ثقات، وله في التوحيد وإثبات النبوات، وما يحض على الزهد وإحياء طرق الفتوة والمروءة شعر كثير، والمشكل منه فله -على زعمه- تفسير.

قال غرس النعمة: حدثنا الوزير أبو نصر بن جهير، حدثنا المنازي الشاعر قال: اجتمعت بأبي العلاء، فقلت: ما هذا الذي يروى عنك؟ قال: حسدوني، وكذبوا علي. فقلت: على ماذا حسدوك، وقد تركت لهم الدنيا والآخرة؟ فقال: والآخرة؟! قلت: إي والله.