للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ثم رفع رأسه، فقال: متى كنت هاهنا؟ قلت: منذ ثلاثين من بين ليلة ويوم. قال: فمن كان يطعمك؟ قلت: ما كان لي طعام إلا ماء زمزم، فسمنت، وما أجد على بطني سخفة جوع. قال: إنها مباركة، إنها طعام طعم.

فقال أبو بكر: يا رسول الله، ائذن لي في طعامه الليلة، فانطلقنا، ففتح أبو بكر بابا، فجعل يقبض لنا من زبيب الطائف: فكان أول طعام أكلته بها.

وأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنه قد وجهت لي أرض ذات نخل، لا أراها إلا يثرب، فهل أنت مبلغ عني قومك، لعل الله أن ينفعهم بك ويأجرك فيهم؟.

قال: فانطلقت، فلقيت أنيسا، فقال: ما صنعت؟ قلت: صنعت أني أسلمت وصدقت. قال: ما بي رغبة عن دينك، فإني قد أسلمت وصدقت، فأسلمت أمنا، فاحتملنا حتى أتينا قومنا غفار، فأسلم نصفهم، وكان يؤمهم إيماء بن رحضة، وكان سيدهم. وقال نصفهم: إذا قدم رسول الله المدينة أسلمنا، فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فأسلم نصفهم الباقي.

وجاءت أسلم، فقالوا: يا رسول الله، إخواننا، نسلم على الذي أسلموا عليه، فأسلموا.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غفار غفر الله لها، وأسلم، سالمها الله. أخرجه مسلم.

قال أبو جمرة: قال لنا ابن عباس: ألا أخبركم بإسلام أبي ذر؟ قلنا: بلى. قال: قال أبو ذر: بلغني أن رجلا بمكة قد خرج، يزعم أنه نبي، فأرسلت أخي ليكلمه، فقلت: انطلق إلى هذا الرجل، فكلمه، فانطلق فلقيه، ثم رجع، فقلت: ما عندك؟ قال: والله، لقد رأيت رجلا يأمر بالخير، وينهى عن الشر. قلت: لم تشفني، فأخذت جرابا وعصا، ثم أقبلت إلى مكة، فجعلت لا أعرفه وأكره أن أسأل عنه، وأشرب من ماء زمزم، وأكون في المسجد، فمر علي بن أبي طالب فقال: هذا رجل غريب؟ قلت: نعم. قال: انطلق إلى المنزل، فانطلقت معه، لا أسأله عن شيء، ولا يخبرني.