قال الحاكم: وحدثني عبد الله بن إسحاق الأنماطي المتكلم قال: لم يزل الطوسي بأبي بكر بن خزيمة حتى جرأه على أصحابه، وكان أبو بكر بن إسحاق وأبو بكر بن أبي عثمان يردان على أبي بكر ما يمليه، ويحضران مجلس أبي علي الثقفي، فيقرءون ذلك على الملأ، حتى استحكمت الوحشة.
سمعت أبا سعد عبد الرحمن بن أحمد المقرئ، سمعت ابن خزيمة يقول: القرآن كلام الله ووحيه وتنزيله غير مخلوق، ومن قال: شيء منه مخلوق. أو يقول: إن القرآن محدث، فهو جهمي، ومن نظر في كتبي، بان له أن الكلابية -لعنهم الله- كذبة فيما يحكون عني بما هو خلاف أصلي وديانتي، قد عرف أهل الشرق والغرب أنه لم يصنف أحد في التوحيد والقدر وأصول العلم مثل تصنيفي، وقد صح عندي أن هؤلاء -الثقفي، والصبغي، ويحيى بن منصور - كذبة، قد كذبوا علي في حياتي، فمحرم على كل مقتبس علم أن يقبل منهم شيئا يحكونه عني، وابن أبي عثمان أكذبهم عندي، وأقولهم علي ما لم أقله.
قلت: ما هؤلاء بكذبة ; بل أئمة أثبات، وإنما الشيخ تكلم على حسب ما نقل له عنهم. فقبح الله من ينقل البهتان، ومن يمشي بالنميمة.
قال الحاكم: وسمعت محمد بن أحمد بن بالويه، سمعت ابن خزيمة يقول: من زعم بعض هؤلاء الجهلة: أن الله لا يكرر الكلام، فلا هم يفهمون كتاب الله. إن الله قد أخبر في مواضع أنه خلق آدم، وكرر ذكر موسى، وحمد نفسه في مواضع، وكرر " فبأي آلاء ربكما تكذبان " ولم أتوهم أن مسلما يتوهم أن الله لا يتكلم بشيء مرتين، وهذا قول من زعم أن كلام الله مخلوق، ويتوهم أنه لا يجوز أن يقول: خلق الله شيئا واحدا مرتين.