قال أحمد بن إبراهيم الدورقي: أخبرنا بعض أصحابنا أن ابن علية لم يضحك منذ عشرين سنة.
وقال محمد بن المثنى: بت ليلة عند ابن علية، فقرأ ثلث القرآن، وما رأيته ضحك قط.
قال عبيد الله العيشي: حدثنا الحمادان أن ابن المبارك كان يتجر، ويقول: لولا خمسة ما تجرت: السفيانان، وفضيل بن عياض، وابن السماك، وابن علية. فيصلهم. فقدم ابن المبارك سنة، فقيل له: قد ولي ابن علية القضاء. فلم يأته، ولم يصله، فركب إليه ابن علية، فلم يرفع به رأسا، فانصرف، فلما كان من الغد، كتب إلى عبد الله رقعة يقول: قد كنت منتظرا لبرك، وجئتك، فلم تكلمني، فما رأيت مني؟ فقال ابن المبارك: يأبى هذا الرجل إلا أن نقشر له العصا. ثم كتب إليه:
يا جاعل العلم له بازيا
يصطاد أموال المساكين
الأبيات المذكورة. فلما قرأها، قام من مجلس القضاء، فوطئ بساط هارون الرشيد، وقال: الله الله ارحم شيبتي. فإني لا أصبر على الخطأ. فقال: لعل هذا المجنون أغرى عليك. ثم أعفاه، فوجه إليه ابن المبارك بالبصرة.
هذه حكاية منكرة من جهة أن العيشي يرويها عن الحمادين، وقد ماتا قبل هذه القصة بمدة، ولعل ذلك أدرجه العيشي.
قال سهل بن شاذويه: سمعت علي بن خشرم يقول: قلت لوكيع: رأيت إسماعيل ابن علية يشرب النبيذ حتى يحمل على الحمار، يحتاج من يرده إلى منزله! فقال وكيع: إذا رأيت البصري يشرب، فاتهمه. قلت: وكيف؟ قال: إن الكوفي يشربه تدينا، والبصري يتركه تدينا.
وهذه حكاية غريبة، ما علمنا أحدا غمز إسماعيل بشرب المسكر قط، وقد انحرف بعض الحفاظ عنه بلا حجة، حتى إن منصور بن سلمة الخزاعي تحدث مرة، فسبقه لسانه، فقال: حدثنا إسماعيل ابن علية، ثم قال: لا، ولا كرامة، بل أردت زهيرا. وقال: ليس من قارف الذنب كمن لم يقارفه، أنا والله استتبته.