السمعاني: سمعت الخطيب مسعود بن محمد بمرو، سمعت الفضل بن عمر النسوي يقول: كنت بجامع صور عند أبي بكر الخطيب، فدخل علوي وفي كمه دنانير، فقال: هذا الذهب تصرفه في مهماتك. فقطب في وجهه، وقال: لا حاجة لي فيه، فقال: كأنك تستقله، وأرسله من كمه على سجادة الخطيب. وقال: هذه ثلاثمائة دينار. فقام الخطيب خجلا محمرا وجهه، وأخذ سجادته، ورمى الدنانير، وراح. فما أنى عزه وذل العلوي وهو يلتقط الدنانير من شقوق الحصير.
ابن ناصر: حدثنا أبو زكريا التبريزي اللغوي قال: دخلت دمشق، فكنت أقرأ على الخطيب بحلقته بالجامع كتب الأدب المسموعة، وكنت أسكن منارة الجامع، فصعد إلي، وقال: أحببت أن أزورك في بيتك. فتحدثنا ساعة. ثم أخرج ورقة، وقال: الهدية مستحبة، تشتري بهذا أقلاما. ونهض، فإذا خمسة دنانير مصرية، ثم صعد مرة أخرى، ووضع نحوا من ذلك. وكان إذا قرأ الحديث في جامع دمشق يسمع صوته في آخر الجامع، وكان يقرأ معربا صحيحا.
قال السمعاني: سمعت من ستة عشر نفسا من أصحابه، وحدثنا عنه يحيى بن علي الخطيب، سمع منه بالأنبار، قرأت بخط أبي، سمعت أبا محمد بن الآبنوسي، سمعت الخطيب يقول: كلما ذكرت في التاريخ رجلا اختلفت فيه أقاويل الناس في الجرح والتعديل، فالتعويل على ما أخرت وختمت به الترجمة.
قال ابن شافع: خرج الخطيب إلى صور، وقصدها وبها عز الدولة، الموصوف بالكرم، فتقرب منه، فانتفع به، وأعطاه مالا كثيرا. قال: وانتهى إليه الحفظ والإتقان، والقيام بعلوم الحديث.
قال الحافظ ابن عساكر: سمعت الحسين بن محمد يحكي، عن ابن خيرون أو غيره، أن الخطيب ذكر أنه لما حج شرب من ماء زمزم ثلاث شربات، وسأل الله ثلاث حاجات، أن يحدث ب " تاريخ بغداد " بها، وأن يملي الحديث بجامع المنصور، وأن يدفن عند بشر الحافي. فقضيت له الثلاث.