للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما قوله: {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} (١) فإنه يعني: يعملون في أرض الله بالمعاصي من إخافة سبل عباده المؤمنين به، أو سبل ذمتهم، وقطع طرقهم، وأخذ أموالهم ظلما وعدوانا، والتوثب على حرمهم فجورا وفسوقا.

القول في تأويل قوله: {أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} (٢).

يقول تعالى ذكره: ما للذي حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا من أهل ملة الإسلام أو ذمتهم إلا بعض هذه الخلال التي ذكرها جل ثناؤه.

ثم اختلف أهل التأويل في هذه الخلال أتلزم المحارب باستحقاقه اسم المحاربة أم يلزمه ما لزمه من ذلك على قدر جرمه. مختلفا باختلاف إجرامه.

فقال بعضهم: تجب على المحارب العقوبة على قدر استحقاقه، ويلزمه ما لزمه من ذلك على قدر جرمه، مختلفا باختلاف إجرامه.

ذكر من قال ذلك

حدثني محمد بن سعد قال: ثني أبي قال: ثني عمي قال: ثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قوله: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (٣) إلى قوله: {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} (٤) قال: إذا حارب فقتل فعليه القتل إذا ظهر عليه قبل توبته، وإذا حارب وأخذ المال وقتل فعليه الصلب إن ظهر عليه قبل توبته، وإذا حارب وأخذ ولم يقتل فعليه قطع اليد والرجل من خلاف إن ظهر عليه قبل توبته، وإذا حارب وأخاف السبيل؛ فإنما عليه النفي.

حدثنا ابن وكيع وأبو السائب قالا: ثنا ابن إدريس عن أبيه عن حماد عن إبراهيم: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (٥) قال: إذا خرج فأخاف السبيل وأخذ المال قطعت يده ورجله من خلاف، وإذا أخاف السبيل ولم يأخذ المال وقتل - صلب.


(١) سورة المائدة الآية ٣٣
(٢) سورة المائدة الآية ٣٣
(٣) سورة المائدة الآية ٣٣
(٤) سورة المائدة الآية ٣٣
(٥) سورة المائدة الآية ٣٣