للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدثنا ابن البرقي قال: ثنا ابن أبي مريم قال: أخبرنا نافع بن يزيد قال ثني أبو صخر عن محمد بن كعب القرظي، وعن أبي معاوية عن سعيد بن جبير في هذه الآية: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} (١) قالا: إن أخاف المسلمين فاقتطع المال ولم يسفك قطع، وإذا سفك دما قتل وصلب، وإن جمعهما فاقتطع مالا وسفك دما قطع ثم قتل، ثم صلب، كان الصلب مثله. وكان القطع {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (٢) وكان القتل النفس بالنفس، وإن امتنع فإن من الحق على الإمام وعلى المسلمين أن يطلبوه حتى يأخذوه فيقيموا عليه حكم كتاب الله أو ينفوا من الأرض. من أرض الإسلام إلى أرض الكفر.

قال أبو جعفر: واعتل قائلو هذه المقالة لقولهم هذا، بأن قالوا: إن الله أوجب على القاتل القود، وعلى السارق القطع، وقالوا: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث خلال: رجل قتل فقتل، ورجل زنى بعد إحصان فرجم، ورجل كفر بعد إسلامه (٣)». قالوا فحظر النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل رجل مسلم إلا بإحدى هذه الخلال الثلاث، فإما أن يقتل من أجل إخافته السبيل من غير أن يقتل أو يأخذ مالا؛ فذلك تقدم على الله ورسوله بالخلاف عليهما في الحكم، قالوا: ومعنى قول من قال: الإمام فيه بالخيار إذا قتل، وأخاف السبيل، وأخذ المال، فهناك خيار الإمام في قولهم بين القتل أو القتل والصلب، أو قطع اليد والرجل من خلاف، وأما صلبه باسم المحاربة من غير أن يفعل شيئا من قتل أو أخذ مال فذلك ما لم يقله عالم.

وقال آخرون: الإمام فيه بالخيار أن يفعل أي هذه الأشياء التي ذكرها الله في كتابه.

ذكر من قال ذلك

حدثني يعقوب قال: ثنا هشيم قال: أخبرنا جرير عن عطاء وعن القاسم بن أبي بزة عن مجاهد في المحارب: أن الإمام مخير فيه، أي ذلك شاء فعل.

حدثني يعقوب بن إبراهيم قال ثنا هشيم عن عبيدة عن إبراهيم: الإمام مخير في المحارب أي ذلك شاء فعل، إن شاء قتل، وإن شاء قطع، وإن شاء نفي، وإن شاء صلب.


(١) سورة المائدة الآية ٣٣
(٢) سورة المائدة الآية ٣٨
(٣) سنن الترمذي كتاب الفتن (٢١٥٨)، سنن النسائي تحريم الدم (٤٠١٩)، سنن أبو داود الديات (٤٥٠٢)، سنن ابن ماجه الحدود (٢٥٣٣)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٦٢)، سنن الدارمي الحدود (٢٢٩٧).