للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فطالب إليه أن يستأمن له من علي فأبى، ثم أتى ابن جعفر فأبى عليه، فأتى سعيد بن قيس الهمداني فأمنه وضمه إليه، وقال له: استأمن إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، قال فلما صلى علي الغداة أتاه سعيد بن قيس، فقال: يا أمير المؤمنين، ما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله؟ قال: أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض، قال: ثم قال: إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم، قال سعيد: وإذا كان حارثة بن بدر؟ قال: وإن كان حارثة بن بدر، قال: فهذا حارثة بن بدر قد جاء تائبا؛ فهو آمن؟ قال: نعم، قال: فجاء به فبايعه، وقبل ذلك منه، وكتب له أمانا.

حدثني المثنى قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الرحمن بن مغراء، عن مجالد عن الشعبي قال: كان حارثة بن بدر قد أفسد في الأرض وحارب ثم تاب، وكلم له علي فلم يؤمنه، فأتى سعيد بن قيس فكلمه فانطلق سعيد بن قيس إلى علي، فقال: يا أمير المؤمنين؛ ما تقول فيمن حارب الله ورسوله؟ فقرأ الآية كلها، فقال: أرأيت من تاب من قبل أن تقدر عليه؟ قال: أقول كما قال الله، قال: فإنه حارثة بن بدر، قال: فأمنه علي فقال حارثة:

ألا أبلغن همدان أما لقيتها ... على النأي لا يسلم عدو يعيبها

لعمر أبيها إن همدان تتقى ... السلم له ويقضي بالكتاب خطيبها

حدثني محمد بن الحسين قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط عن السدي (١)، قوله: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} (٢) وتوبته من قبل أن يقدر عليه: أن يكتب إلى الإمام يستأمنه على ما قتل وأفسد في الأرض؛ فإن لم يؤمني على ذلك ازددت فسادا وقتلا وأخذا للأموال أكثر مما فعلت ذلك قبل، فعلى الإمام من الحق أن يؤمنه على ذلك، فإذا أمنه الإمام جاء حتى يضع يده في يد الإمام، فليس لأحد من الناس أن يتبعه ولا يأخذه بدم سفكه ولا مال أخذه، وكل ما كان له فهو له؛ لكيلا يقتل المؤمنين أيضا ويفسد، فإذا رجع إلى الله - جل وعز - فهو وليه يأخذه بما صنع، وتوبته فيما بينه وبين الإمام والناس، فإذا أخذه الإمام وقد تاب فيما يزعم إلى الله - جل ثناؤه - قبل أن يؤمنه الإمام فليقم عليه الحد.


(١) إسماعيل السدي ذكر ابن حجر في التقريب أنه صدوق يهم وأنه رمي بالتشيع.
(٢) سورة المائدة الآية ٣٤