للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحرة فجعلوا يستسقون فلا يسقون (١)»، وفي لفظ لمسلم: ولم يحمهم، وعند البخاري قال أبو قلابة: «فهؤلاء سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم وحاربوا الله ورسوله (٢)»، رواه مسلم من طريق هشيم عن عبد العزيز بن صهيب، وحميد عن أنس فذكر نحوه وعنده فارتدوا وقد أخرجاه من رواية قتادة عن أنس بنحوه، وقال سعيد عن قتادة: من عكل وعرينة ورواه مسلم من طريق سليمان التيمي عن أنس قال: «إنما سمل النبي - صلى الله عليه وسلم - أعين أولئك؛ لأنهم سملوا أعين الرعاة (٣)». ورواه مسلم من حديث معاوية بن قرة عن أنس قال: «أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفر من عرينة فأسلموا وبايعوه وقد وقع بالمدينة الموم (٤)»، وهو البرسام ذكر نحو حديثهم وزاد عنده: «شباب من الأنصار قريب من عشرين فأرسلهم وبعث معهم قائفا يقفو أثرهم (٥)»، وهذه كلها ألفاظ مسلم - رحمه الله -.

ثم قد احتج بعموم هذه الآية جمهور العلماء في ذهابهم إلى أن حكم المحاربة في الأمصار وفي السبلان. على السواء لقوله: {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} (٦) وهذا مذهب مالك والأوزاعي والليث بن سعد والشافعي وأحمد بن حنبل، حتى قال مالك في الذي يغتال الرجل فيخدعه حتى يدخله بيتا فيقتله ويأخذ ما معه، إن هذه محاربة ودمه إلى السلطان لا إلى ولي المقتول، ولا اعتبار بعفوه عنه في إسقاط القتل.

وقال أبو حنيفة وأصحابه لا تكون المحاربة إلا في الطرقات، فأما في الأمصار فلا؛ لأنه يلحقه الغوث إذا استغاث. بخلاف الطريق لبعده ممن يغيثه ويعينه، وقوله تعالى: {أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} (٧) قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس في الآية: من شهر السلاح في فئة الإسلام وأخاف السبيل ثم ظفر به وقدر عليه، فإمام المسلمين فيه بالخيار، إن شاء قتله، وإن شاء صلبه، وإن شاء قطع يده ورجله، وكذا قال سعيد بن المسيب ومجاهد وعطاء والحسن البصري وإبراهيم النخعي والضحاك، وروى ذلك كله أبو جعفر بن جرير، وحكي مثله عن مالك بن أنس - رحمه الله -، ويستند هذا القول أن ظاهر " أو " للتخيير كما في نظائر ذلك من القران كقوله في جزاء الصيد: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} (٨)، وكقوله في كفارة الفدية: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} (٩)، وكقوله في كفارة اليمين: {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} (١٠)


(١) صحيح البخاري الوضوء (٢٣٣)، صحيح مسلم القسامة والمحاربين والقصاص والديات (١٦٧١)، سنن الترمذي الطهارة (٧٢)، سنن النسائي الطهارة (٣٠٥)، سنن أبو داود الحدود (٤٣٦٤)، سنن ابن ماجه الحدود (٢٥٧٨)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ١٦٣).
(٢) صحيح البخاري الوضوء (٢٣٣)، صحيح مسلم القسامة والمحاربين والقصاص والديات (١٦٧١)، سنن الترمذي الطهارة (٧٢)، سنن النسائي الطهارة (٣٠٥)، سنن أبو داود الحدود (٤٣٦٤)، سنن ابن ماجه الحدود (٢٥٧٨)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ١٦٣).
(٣) صحيح البخاري الديات (٦٨٩٩)، صحيح مسلم القسامة والمحاربين والقصاص والديات (١٦٧١)، سنن الترمذي الطهارة (٧٣)، سنن النسائي الطهارة (٣٠٥)، سنن أبو داود الحدود (٤٣٦٤)، سنن ابن ماجه الحدود (٢٥٧٨)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ١٦٣).
(٤) صحيح البخاري الديات (٦٨٩٩)، صحيح مسلم القسامة والمحاربين والقصاص والديات (١٦٧١)، سنن الترمذي الطهارة (٧٢)، سنن النسائي الطهارة (٣٠٥)، سنن أبو داود الحدود (٤٣٦٤)، سنن ابن ماجه الحدود (٢٥٧٨)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ١٦٣).
(٥) صحيح البخاري الديات (٦٨٩٩)، صحيح مسلم القسامة والمحاربين والقصاص والديات (١٦٧١)، سنن الترمذي الطهارة (٧٢)، سنن النسائي الطهارة (٣٠٥)، سنن أبو داود الحدود (٤٣٦٤)، سنن ابن ماجه الحدود (٢٥٧٨)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ١٦٣).
(٦) سورة المائدة الآية ٣٣
(٧) سورة المائدة الآية ٣٣
(٨) سورة المائدة الآية ٩٥
(٩) سورة البقرة الآية ١٩٦
(١٠) سورة المائدة الآية ٨٩