نادى بأعلى صوته على أطمة فارع: يا بني قيلة، فلما اجتمعوا، قالوا: ما لك ويلك؟ قال: قلت قصيدة لم يقل أحد من العرب مثلها، ثم أنشدها لهم، فقالوا: ألهذا جمعتنا؟ فقال: وهل يصبر من به وحر الصدر.
الأصمعي وغيره، عن ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن خارجة بن زيد، قال: كان الغناء يكون في العريسات، ولا يحضره شيء من السفه كاليوم، كان في بني نبيط مدعاة كان فيها حسان بن ثابت وابنه - وقد عمي - وجاريتان تنشدان:
انظر خليلي بباب جلق
هل تؤنس دون البلقاء من أحد
أجمال شعثاء إذ ظعن من المحبس
بين الكثبان والسند
فجعل حسان يبكي وهذا شعره، وابنه يقول للجارية: زيدي، وفيه:
يحملن حور العيون ترفل في الريط
حسان الوجوه كالبرد
من دون بصرى وخلفها جبل الثلج
عليه السحاب كالقدد
والبدن إذ قربت لمنحرها
حلفة بر اليمين مجتهد
ما حلت عن عهد ما علمت ولا
أحببت حبي إياك من أحد
أهوى حديث الندمان في وضح الفجر
وصوت المسامر الغرد
فطرب حسان، وبكى.
قال ابن الكلبي: كان حسان لسنا شجاعا ; فأصابته علة أحدثت فيه الجبن.
قال سليمان بن يسار رأيت حسان له ناصية قد سدلها بين عينيه.