أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين، قال: أتيت سعيد بن جبير بمكة، فقلت: إن هذا الرجل قادم - يعني خالد بن عبد الله - ولا آمنه عليك، فأطعني واخرج. فقال: والله لقد فررت حتى استحييت من الله. قلت: إني لأراك كما سمتك أمك سعيدا. فقدم خالد مكة، فأرسل إليه فأخذه.
أحمد: حدثنا إبراهيم بن خالد، حدثنا أمية بن شبل، عن عثمان بن برذويه قال: كنت مع وهب وسعيد بن جبير يوم عرفة بنخيل ابن عامر، فقال له وهب: يا أبا عبد الله، كم لك منذ خفت من الحجاج؟ قال: خرجت عن امرأتي وهي حامل، فجاءني الذي في بطنها وقد خرج وجهه. فقال وهب: إن من قبلكم كان إذا أصاب أحدهم بلاء عده رخاء، وإذا أصابه رخاء عده بلاء.
قال سالم بن أبي حفصة لما أتي الحجاج بسعيد بن جبير قال: أنا سعيد بن جبير، قال: أنت شقي بن كسير، لأقتلنك. قال: فإذا أنا كما سمتني أمي، ثم قال: دعوني أصل ركعتين. قال: وجهوه إلى قبلة النصارى. قال: فأينما تولوا فثم وجه الله وقال: إني أستعيذ منك بما عاذت به مريم. قال: وما عاذت به؟ قال: قالت: إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا.
رواها ابن عيينة، عن سالم. ثم قال ابن عيينة: لم يقتل بعد سعيد إلا رجلا واحدا.
وعن عتبة مولى الحجاج، قال: حضرت سعيدا حين أتي به الحجاج بواسط، فجعل الحجاج يقول: ألم أفعل بك؟! ألم أفعل بك؟! فيقول: بلى. قال: فما حملك على ما صنعت من خروجك علينا؟ قال: بيعة كانت علي - يعني لابن الأشعث - فغضب الحجاج وصفق بيديه، وقال: فبيعة أمير المؤمنين كانت أسبق وأولى. وأمر به، فضربت عنقه.
وقيل: لو لم يواجهه سعيد بن جبير بهذا، لاستحياه كما عفا عن الشعبي لما لاطفه في الاعتذار.