وفي " الروضتين " لأبي شامة أن السلطان لم يخلف في خزانته من الذهب والفضة إلا سبعة وأربعين درهما، ودينارا صوريا، ولم يخلف ملكا ولا عقارا -رحمه الله- ولم يختلف عليه في أيامه أحد من أصحابه، وكان الناس يأمنون ظلمه، ويرجون رفده، وأكثر ما كان يصل عطاؤه إلى الشجعان، وإلى العلماء، وأرباب البيوتات، ولم يكن لمبطل ولا لمزاح عنده نصيب.
قال الموفق: وجد في خزانته بعد موته دينار وثلاثون درهما، وكان إذا نازل بلدا، وأشرف على أخذه، ثم طلبوا منه الأمان، آمنهم، فيتألم لذلك جيشه، لفوات حظهم.
قال القاضي بهاء الدين بن شداد قال لي السلطان في بعض محاوراته في عقد الصلح: أخاف أن أصالح، وما أدري أيش يكون مني، فيقوى هذا العدو، وقد بقيت لهم بلاد، فيخرجون لاستعادة ما في أيدي المسلمين، وترى كل واحد من هؤلاء -يعني أخاه وأولادهم- قد قعد في رأس تله -يعني قلعته- ويقول: لا أنزل، ويهلك المسلمون.
قال ابن شداد: فكان -والله- كما قال، اختلفوا، واشتغل كل واحد بناحيته، وبعد، فكان الصلح مصلحة.
قلت: من لطف الله لما تنازع بنو أيوب، واختلفوا يسر الله بنقص همة الأعداء، وزالت تلك الشهامة منهم.