المال لأنهما ليسا من أهل الحدود، وعليهما ضمان ما أخذا من المال في أموالهما، ودية قتيلهما على عاقلتهما، ولا شيء على الردء لهما؛ لأنه إذا لم يثبت ذلك للمباشر لم يثبت لمن هو تبع له بطريق الأولى، وإن كان المباشر غيرهما لم يلزمهما شيء؛ لأنهما لم يثبت في حقهما حكم المحاربة، وثبوت الحكم في حق الردء ثبت بالمحاربة.
(فصل) وإن كان فيهم امرأة ثبت في حقها حكم المحاربة فمتى قتلت وأخذت المال فحدها حد قطاع الطريق، وبهذا قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: لا يجب عليها الحد، ولا على من معها؛ لأنها ليست من أهل المحاربة كالرجل، فأشبهت الصبي والمجنون، ولنا أنها تحد في السرقة؛ فيلزمها حكم المحاربة كالرجل، وتخالف الصبي والمجنون، ولأنها مكلفة يلزمها القصاص وسائر الحدود، فلزمها هذا الحد كالرجل إذا ثبت هذا، فإنها إن باشرت القتل أو أخذ المال ثبت حكم المحاربة في حق من معها؛ لأنهم ردء لها، وإن فعل ذلك غيرها ثبت حكمه في حقها، لأنها ردء له كالرجل سواء، وإن قطع أهل الذمة الطريق أو كان مع المحاربين المسلمين ذمي، فهل ينتقض عهدهم بذلك؟ فيه روايتان: فإن قلنا: ينتقض عهدهم حلت دماؤهم وأموالهم بكل حال، وإن قلنا: لا ينتقض عهدهم حكمنا عليهم بما نحكم على المسلمين.
(فصل) وإذا أخذ المحاربون المال وأقيمت فيهم حدود الله تعالى، فإن كانت الأموال موجودة ردت إلى مالكها، وإن كانت تالفة أو معدومة وجب ضمانها على من أخذها، وهذا مذهب الشافعي، ومقتضى قول أصحاب الرأي أنها إن كانت تالفة لم يلزمهم غرامتها كقولهم في المسروق إذا قطع السارق، ووجه المذهبين ما تقدم في السرقة، ويجب الضمان على الأخذ دون الردء؛ لأن وجود الضمان ليس بحد، فلا يتعلق بغير المباشر له كالغصب والنهب، ولو تاب المحاربون قبل القدرة عليهم، وتعلقت بهم حقوق الآدميين من القصاص والضمان لاختص ذلك بالمباشر دون الردء لذلك، ولو وجب الضمان في السرقة لتعلق بالمباشر دون الردء لما ذكرنا، والله أعلم.
(فصل) إذا اجتمعت الحدود لم تخل من ثلاثة أقسام: (القسم الأول): أن تكون خالصة الله تعالى، فهي نوعان:(أحدهما): أن يكون فيها قتل مثل أن يسرق ويزني وهو محصن، ويشرب الخمر ويقتل في المحاربة؛ فهذا يقتل ويسقط سائرها، وهذا قول ابن مسعود