وعطاء والشعبي والنخعي والأوزاعي وحماد ومالك وأبي حنيفة، وقال الشافعي: يستوفى جميعها؛ لأن ما وجب مع غير القتل وجب مع القتل كقطع اليد قصاصا. ولنا قول ابن مسعود، قال سعيد: حدثنا حسان بن علي، حدثنا مجالد عن عامر عن مسروق عن عبد الله، قال: إذا اجتمع حدان أحدهما القتل أحاط القتل بذلك، وقال إبراهيم: يكفيه القتل.
وقال: حدثنا هشيم، أخبرنا حجاج عن إبراهيم والشعبي وعطاء، أنهم قالوا مثل ذلك، وهذه أقوال انتشرت في عصر الصحابة والتابعين، ولم يظهر لها مخالف فكانت إجماعا؛ ولأنها حدود الله تعالى فيها قتل فسقط ما دونه كالمحارب إذا قتل وأخذ المال، فإنه يكتفى بقتله ولا يقطع؛ ولأن هذه الحدود تراد لمجرد الزجر، ومع القتل لا حاجة إلى زجره ولا فائدة فيه فلا يشرع ويفارق القصاص، فإن فيه غرض التشفي والانتقام، ولا يقصد منه مجرد الزجر.
إذا ثبت هذا فإنه إذا وجد ما يوجب الرجم والقتل للمحاربة أو القتل للردة أو لترك الصلاة فينبغي أن يقتل للمحاربة ويسقط الرجم؛ لأن في القتل للمحاربة حق آدمي في القصاص، وإنما أثرت المحاربة في تحريمه وحق الآدمي يجب تقديمه.
(النوع الثاني) أن لا يكون فيها قتل، فإن جميعها يستوفى من غير خلاف نعلمه، ويبدأ بالأخف فالأخف، فإذا شرب وزنى وسرق حد للشرب أولا، ثم حد للزنا، ثم قطع السرقة، وإن أخذ المال في المحاربة قطع لذلك، ويدخل فيه القطع للسرقة، ولأن محل القطعين واحد فتداخلا كالقتلين، وبهذا قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: يتخير بين البداءة بحد الزنا وقطع السرقة؛ لأن كل واحد منهما ثبت بنص القرآن، ثم يحد للشرب.
ولنا أن حد الشرب أخف فيقدم كحد القذف، ولا نسلم أن حد الشرب غير منصوص عليه في السنة، ومجمع على وجوبه، وهذا التقديم على سبيل الاستحباب، ولو بدأ بغيره جاز ووقع، ولا يوالي بين هذه الحدود؛ لأنه ربما أفضى إلى تلفه بل متى برأ من حد أقيم الذي يليه.
(القسم الثاني): الحدود الخالصة للآدمي، وهو القصاص وحد القذف، فهذه تستوفى كلها، ويبدأ بأخفها، فيحد للقذف ثم يقطع، ثم يقتل؛ لأنها حقوق للآدميين أمكن استيفاؤها فوجب كسائر حقوقهم، وهذا قول الأوزاعي والشافعي، وقال أبو حنيفة: يدخل ما دون القتل فيه احتجاجا بقول ابن مسعود، وقياسا على الحدود الخالصة الله تعالى، ولنا أن ما