وقال ابن عيينة: لما قتل ابن الزبير خرج عروة إلى المدينة بالأموال، فاستودعها وسار إلى عبد الملك، فقدم عليه قبل البريد بالخبر، فلما انتهى إلى الباب قال للبواب: قل لأمير المؤمنين: أبو عبد الله بالباب. فقال: من أبو عبد الله؟ قال: قل له كذا. فدخل فقال: ها هنا رجل عليه أثر السفر. قال: كيت وكيت، فقال: ذاك عروة فائذن له. فلما رآه زال له عن موضعه، وجعل يسأله: كيف أبو بكر؟ - يعني عبد الله بن الزبير - فقال: قتل رحمه الله. فنزل عبد الملك عن السرير، فسجد. فكتب إليه الحجاج: إن عروة قد خرج والأموال عنده. قال: فقال له عبد الملك في ذلك. فقال: ما تدعون الرجل حتى يأخذ سيفه فيموت كريما! فلما رأى ذلك، كتب إلى الحجاج: أن أعرض عن ذلك.
قال ابن خلكان: هو الذي حفر بئر عروة بالمدينة، وما بالمدينة أعذب من مائها.
جرير، عن هشام بن عروة، قال: ما سمعت أحدا من أهل الأهواء يذكر أبي بسوء.
قال أحمد بن عبد الله العجلي: عروة بن الزبير تابعي ثقة، رجل صالح، لم يدخل في شيء من الفتن.
وقال ابن خراش: ثقة.
قال معاوية بن إسحاق، عن عروة، قال: ما بر والده من شد الطرف إليه.
عامر بن صالح، عن هشام بن عروة، قال: سقط أخي محمد - وأمه بنت الحكم بن أبي العاص - من أعلى سطح في إصطبل الوليد، فضربته الدواب بقوائمها فقتلته فأتى عروة رجل يعزيه، فقال: إن كنت تعزيني برجلي فقد احتسبتها. قال: بل أعزيك بمحمد ابنك. قال: وما له؟ فأخبره، فقال: اللهم أخذت عضوا وتركت أعضاء، وأخذت ابنا وتركت أبناء. فلما قدم المدينة أتاه ابن المنكدر، فقال: كيف كنت؟ قال: لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا.