للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبق القتل في المحاربة استوفي ووجب لولي المقتول الآخر ديته في مال الجاني، وإن سبق القصاص قتل قصاصا ولم يصلب؛ لأن الصلب من تمام الحد وقد سقط الحد بالقصاص، فسقط الصلب كما لو مات، ويجب لولي المقتول في المحاربة ديته؛ لأن القتل تعذر استيفاؤه وهو قصاص فصار الوجوب إلى الدية، وهكذا لو مات القاتل في المحاربة وجبت الدية في تركته؛ لتعذر استيفاء القتل من القاتل، ولو كان القصاص سابقا فعفا ولي المقتول استوفي للمحاربة، سواء عفا مطلقا أو إلى الدية، وهذا مذهب الشافعي. وأما القطع فإذا اجتمع وجوب القطع في يد أو رجل قصاصا وحدا قدم القصاص على الحد المتمحض لله تعالى لما ذكرناه، سواء تقدم سببه أو تأخر، وإن عفا ولي الجناية استوفي الحد، فإذا قطع يدا وأخذ المال في المحاربة قطعت يده قصاصا وينتظر برؤه، فإذا برأ قطعت رجله للمحاربة؛ لأنهما حدان، وإنما قدم القصاص في القطع دون القتل؛ لأن القطع في المحاربة حد محض، وليس بقصاص، والقتل فيها يتضمن القصاص، ولهذا لو فات القتل في المحاربة وجبت الدية، ولو فات القطع لم يجب له بدل، وإذا ثبت أنه يقدم القصاص على القطع في المحاربة فقطع يده قصاصا، فإن رجله تقطع، وهل تقطع يده الأخرى؟ نظرنا فإن كان المقطوع بالقصاص قد كان يستحق القطع بالمحاربة قبل الجناية الموجبة للقصاص فيه لم يقطع أكثر من العضو الباقي من العضوين اللذين استحق قطعهما؛ لأن محل القطع ذهب بعارض حادث فلم يجب قطع يد له كما لو ذهبت بعدوان أو بمرض، وعلى هذا لو ذهب العضوان جميعا سقط القطع عنه بالكلية، وإن كان سبب القطع قصاصا سابقا على محاربته، أو كان المقطوع غير العضو الذي وجب قطعه في المحاربة مثل إن وجب عليه القصاص في يساره بعد وجود قطع يمناه في المحاربة فهل تقطع اليد الأخرى للمحاربة؟ على وجهين بناء على الروايتين في قطع يسرى السارق بعد قطع يمينه، إن قلنا: تقطع ثم قطعت هاهنا وإلا فلا، وإن سرق وأخذ المال في المحاربة قطعت يده اليمنى لأسبقهما، فإن كانت المحاربة سابقة، قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى في مقام واحد وحسمتاه، وهل تقطع يسرى يديه للسرقة على الروايتين، فإن قلنا: تقطع انتظر برؤه من القطع للمحاربة؛ لأنهما حدان، وإن كانت السرقة سابقة قطعت يمناه للسرقة. ولا تقطع رجله للمحاربة حتى تبرأ يده، وهل تقطع يسرى يديه للمحاربة؟ على وجهين:

(فصل) وإن سرق وقتل في المحاربة ولم يأخذ المال قتل حتما، ولم يصلب ولم تقطع