للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يده؛ لأنهما حدان فيهما قتل؛ فدخل ما دون القتل فيه، ولم يصلب لأن الصلب من تمام حد قاطع الطريق إذا أخذ المال مع القتل ولم يوجد، وهذان حدان كل واحد منهما منفصل عن صاحبه، فإذا اجتمعا تداخلا، وإن قتل في المحاربة جماعة قتل بالأول حتما، وللباقين ديات أوليائهم؛ لأن قتله استحق بقتل الأول، وتحتم بحيث لا يسقط فتعينت حقوق الباقين في الدية كما لو مات.

(فصل) إذا شهد عدلان على رجل أنه قطع عليهما الطريق وعلى فلان، وأخذ متاعهم لم تقبل شهادتهما؛ لأنهما صارا خصمين له بقطعه عليهما. وإن قالا: نشهد أن هذا قطع الطريق على فلان، وأخذ متاعه قبلت شهادتهما. ولم يسألهما الحاكم هل قطع عليكما معه أم لا؛ لأنه لا يسألهما مما لم يدع عليهما، وإن عاد المشهود له فشهد عليه أنه قطع عليهما الطريق وأخذ متاعهما لم تقبل شهادته؛ لأنه صار عدوا له بقطعه الطريق عليه، وإن شهد شاهدان أن هؤلاء عرضوا لنا في الطريق، وقطعوها على فلان قبلت شهادتهما؛ لأنه لم يثبت كونهما خصمين بما ذكراه.

قال ابن حزم في كتاب المحاربين بعد أن ذكر الخلاف في سبب نزول آية الحرابة والخلاف فيما تتحقق فيه الحرابة من الصحراء فقط أو الصحراء والمصر:

قال أبو محمد (١) - رحمه الله -: فلما اختلفوا كما ذكرنا، وجب أن نطلب الحق من أقوالهم لعلم الصواب فتبعه بمن الله تعالى، فنظرنا فيما تحتج به كل طائفة لقولها فنظرنا فيما احتج به من قال: إن المحارب لا يكون إلا مشركا أو مرتدا فوجدناهم يذكرون: أنا عبد الله بن ربيع نا محمد بن معاوية، نا أحمد بن شعيب النسائي، أخبرنا العباس بن محمد، نا أبو عامر العقدي عن إبراهيم بن طهمان عن عبد العزيز بن رفيع عن عبيد بن عمير، عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث خصال: زان محصن يرجم، أو رجل قتل متعمدا فيقتل، أو رجل يخرج من الإسلام فيحارب الله ورسوله فيقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض (٢)»، وبما ذكره ابن جريج آنفا من قوله: ما نعلم أحدا حارب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أشرك.


(١) ص٣٠٣ من ج ١١ من المحلى.
(٢) سنن الترمذي كتاب الفتن (٢١٥٨)، سنن النسائي تحريم الدم (٤٠١٩)، سنن أبو داود الديات (٤٥٠٢)، سنن ابن ماجه الحدود (٢٥٣٣)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٦٢)، سنن الدارمي الحدود (٢٢٩٧).