وارتجاع أموال الناس منهم، ولا على طلب السارقين لا لنفسه ولا للجند الذين يرسلهم في طلبهم، بل طلب هؤلاء من نوع الجهاد في سبيل الله، فيخرج فيه جند المسلمين كما يخرج في غيره من الغزوات التي تسمى البيكار، وينفق على المجاهدين في هذا من المال الذي ينفق منه على سائر الغزاة، فإن كان لهم أقطاع أو عطاء يكفيهم وإلا أعطاهم تمام كفاية غزوهم من مال المصالح من الصدقات.
فإن هذا من سبيل الله، فإن كان على أبناء السبيل المأخوذين زكاة مثل التجار الذين قد يؤخذون، فأخذ الإمام زكاة أموالهم وأنفقها في سبيل الله كنفقة الذين يطلبون المحاربين، جاز ولو كانت بهم شوكة قوية تحتاج إلى تأليف؛ فأعطى الإمام من الفيء والمصالح والزكاة لبعض رؤسائهم يعينهم على إحضار الباقين أو لترك شره، فيضعف الباقون ونحو ذلك جاز، وكان هؤلاء من المؤلفة قلوبهم، وقد ذكر مثل ذلك غير واحد من الأئمة كأحمد وغيره، وهو ظاهر الكتاب والسنة وأصول الشريعة.
ولا يجوز أن يرسل الإمام من يضعف عن مقاومة الحرامية، ولا من يأخذ مالا من المأخوذين التجار ونحوهم، من أبناء السبيل بل يرسل من الجند الأقوياء الأمناء إلا أن يتعذر ذلك فيرسل الأمثل فالأمثل.
فإن كان بعض نواب السلطان أو رؤساء القرى ونحوهم يأمرون الحرامية بالأخذ في الباطن أو الظاهر حتى إذا أخذوا شيئا قاسمهم ودافع عنهم، وأرضى المأخوذين ببعض أموالهم أو لم يرضهم، فهذا أعظم جرما من مقدم الحرامية؛ لأن ذلك يمكن دفعه بدون ما يندفع به هذا، والواجب أن يقال فيه ما يقال في الردء والعون لهم، فإن قتلوا قتل هو على قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وأكثر أهل العلم، وإن أخذوا المال قطعت يده ورجله، وإن قتلوا وأخذوا المال قتلى وصلب، وعلى قول طائفة من أهل العلم يقطع ويقتل ويصلب، وقيل: يخير بين هذين، وإن كان لم يأذن لهم: لكن لما قدر عليهم قاسمهم الأموال، وعطل بعض الحقوق والحدود.
ومن آوى محاربا أو سارقا أو قاتلا ونحوهم، ممن وجب عليه حد أو حق لله تعالى أو لآدمي، ومنعه أن يستوفى منه الواجب بلا عدوان، فهو شريكه في الجرم، وقد لعنه الله