وكان ابن ذكوان يفضله، ويرى مكانه لكبر سنه. ولد قبله بعشرين سنة. فأخذ القراءة عن أيوب تلاوة، كما أخذها ابن ذكوان، وزاد عليه بأخذه القراءة عن الوليد، وسويد بن عبد العزيز، وصدقة بن هشام، كذا قال، وأظنه أراد صدقة بن خالد وعراك بن خالد، وصدقة بن يحيى، ومدرك بن أبي سعد، وعمر بن عبد الواحد. وكل هؤلاء أئمة، قرءوا على يحيى الحارث. فلما توفي ابن ذكوان سنة اثنتين وأربعين، اجتمع الناس على إمامة هشام بن عمار في القراءة والنقل. وتوفي بعده بثلاث سنين.
قلت: هشام عظيم القدر، بعيد الصيت، وغيره أتقن منه وأعدل رحمه الله تعالى.
قال أبو أحمد بن عدي في " كامله ": سمعت قسطنطين بن عبد الله مولى المعتمد، يقول: حضرت مجلس هشام بن عمار، فقال المستملي: من ذكرت؟ فقال: أخبرنا بعض مشايخنا، ثم نعس، ثم قال له: من ذكرت؟ فنعس، فقال المستملي: لا تنتفعوا به، فجمعوا له شيئا فأعطوه. فكان بعد ذلك يملي عليهم حتى يملوا.
وقال محمد بن أحمد بن راشد بن معدان الأصبهاني: سمعت ابن وارة، يقول: عزمت زمانا أن أمسك عن حديث هشام بن عمار ; لأنه كان يبيع الحديث.
قلت: العجب من هذا الإمام مع جلالته، كيف فعل هذا، ولم يكن محتاجا، وله اجتهاده.
قال صالح بن محمد جزرة: كان هشام بن عمار يأخذ على الحديث، ولا يحدث ما لم يأخذ، فدخلت عليه، فقال: يا أبا علي، حدثني بحديث لعلي بن الجعد، فقال: حدثنا ابن الجعد، حدثنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع، عن أبي العالية، قال: علم مجانا كما علمت مجانا. قال: تعرضت بي يا أبا علي؟ فقلت: ما تعرضت، بل قصدتك.