للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي جاءوا به، بل ضعف العقل الذي به يعرف العبد حقيقته.

وإذا ضعف العقل، وقل العلم بالدين، وفي النفس محبة طائشة جاهلة، انبسطت النفس بحمقها في ذلك، كما ينبسط الإنسان في محبة الإنسان مع حمقه وجهله، ويكون سببا لبغض المحبوب له، ونفوره منه، بل سببا لعقوبته.

وكثير من السالكين سلكوا في دعوى حب الله أنواعا من أمور الجهل بالدين، إما من تعدي حدود الله، وإما من تضييع حقوق الله، وإما من ادعاء الدعاوى الباطلة التي لا حقيقة لها، كقول بعضهم: أي مريد لي ترك في النار أحدا فأنا بريء منه، وقال الآخر: أي مريد لي ترك أحدا من المؤمنين يدخل النار فأنا منه بريء.

فالأول: جعل مريده يخرج كل من في النار.

والثاني: جعل مريده يمنع أهل الكبائر من دخول النار.

ويقول بعضهم: إذا كان يوم القيامة نصبت خيمتي على جهنم، حتى لا يدخلها أحد، وأمثال ذلك من الأقوال التي تؤثر عن بعض المشايخ المشهورين، وهي إما كذب عليهم، وإما غلط منهم ". اهـ.

وإذا كانت هذه المقالات الإلحادية قد وجدت في عهد شيخ الإسلام ابن تيمية وقبله، فإن في عصرنا من الدعاوى التي تبلغ حد التأليه، ما هو أدهى وأمر.

من ذلك قول أحد زعماء الطرق الصوفية المعاصرين، قد خصني بالفضل والتشريف أن قلت: كن يكن بلا تسويف، ويدعي هذا الكذاب الأشر أن رجلا نصرانيا دخل الجنة بسبب أنه عاشر امرأة من أتباع ذلك الشيخ معاشرة غير شرعية، مع أن المرأة التي عاشرها كما يقول ليست ملتزمة - كما يقول - بالطريقة، ولكنه دخل الجنة ببركة شيخ الطريقة التي تنتمي إليها هذه المرأة، ويقول أحد الأفاكين من هؤلاء: إن من ضرورات مذهبهم أن لأئمتهم درجة لا يبلغها ملك مقرب، ولا نبي مرسل إلى غير ذلك من المقالات الكفرية والإلحادية، القديمة والحديثة، والتي لا تكاد تعد ولا تحصى.

ترى ماذا ترك هؤلاء الملاحدة من العبودية، إذا ادعوا بلوغ مثل هذه المراتب، وإذا سئلوا عن تفسير هذه الترهات، ادعوا أنهم كانوا في حالة سكر بحب الإله، قال