الشاعر في التهكم بهم ووصف أحوالهم التي يزعمون أنها عبادة:
ألا قل لهم قول عبد نصو ... ح وحق النصيحة أن تستمع
متى علم الناس في ديننا ... بأن الغنا سنة تتبع
وأن يأكل المرأ أكل الحمار ... ويرقص في الجمع حتى يقع
وقالوا: سكرنا بحب الإله ... وما أسكر القوم إلا القصع
كذاك البهائم إن أشبعت ... يرقصها ربها والشبع
ويسكره الناي ثم الغنا ... ويس لو تليت ما انصدع
فيا للعقول ويا للنهى ... ألا منكر منكمو للبدع
تهان مساجدنا بالسماع ... وتكرم عن مثل ذاك البيع
وقال آخر:
تلي الكتاب فأطرقوا لا خيفة ... لكنه إطراق ساه لاهي
وأتى الغناء فكالحمير تناهقوا ... والله ما رقصوا لأجل الله
دف ومزمار ونغمة شادن ... فمتى رأيت عبادة بملاهي
ثقل الكتاب عليهم لما رأوا ... تقييده بأوامر ونواهي
سمعوا له رعدا وبرقا إذ حوى ... زجرا وتخويفا بفعل مناهي
ورأوه أعظم قاطع للنفس عن ... شهواتها يا ذبحها المتناهي
وأتى السماع موافقا أغراضها ... فلأجل ذاك غدا عظيم الجاه
أين المساعد للهوى من قاطع ... أسبابه عند الجهول الساهي
إن لم يكن خمر الجسوم فإنه ... خمر العقول مماثل ومضاهي
فانظر إلى النشوان عند شرابه ... وانظر إلى النشوان عند ملاهي
وانظر إلى تمزيق ذا أتوا به ... من بعد تمزيق الفؤاد اللاهي
واحكم فأي الخمرتين أحق بال ... تحريم والتأثيم عند الله
وما وصفه الشاعر من أحوال هؤلاء الناس يعطي صورة حقيقية عن مدى الانحراف الذي وقعوا فيه حيث بلغ بهم الحال إلى اعتبار الرقص والغناء عبادة تقربهم إلى الله بدعوى أن تلك الرقصات والأنغام الصوفية، إنما هي نابعة من قلب مفعم بالمحبة، فجعلوا