للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محبتهم للخالق مشابهة لمحبة المخلوق من وجود العتاب والعذل واللوم والغرم، ونحو ذلك مما يجب أن ينزه الله عنه؛ لأنه لا يليق بجلال الله وعظمته.

ولكن الدليل والبرهان على محبة القلب الله وخضوعه له إنما يتجسد في اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (١)، فلا يكون محبا لله إلا من يتبع رسوله.

وطاعة الرسول، ومتابعته لا تكون إلا بتحقيق العبودية.

وكثير ممن يدعي المحبة يخرج عن شريعته وسنته - صلى الله عليه وسلم -، ويدعي من الحالات ما لا يتسع هذا الموضع لذكره، حتى قد يظن أحدهم سقوط الأمر، وتحليل الحرام له، وغير ذلك مما فيه مخالفة لشريعة الرسول وسنته وطاعته.

بل قد جعل الله أساس محبته ومحبة رسوله، الجهاد في سبيله، والجهاد يتضمن كمال محبة ما أمر الله به، وكمال بغض ما نهى الله عنه؛ ولهذا قال في صفة من يحبهم ويحبونه: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} (٢)، ولهذا كانت محبة هذه الأمة الله أكمل من محبة من قبلها، وعبوديتهم لله أكمل من عبودية من قبلهم وأكمل، هذه الأمة في ذلك هم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ومن كان بهم أشبه كان ذلك فيه أكمل.

" هذا صنف ".

والصنف الثاني وهم المفرطون وهم العصاة أو الذين غلطوا في فهم حقيقة العبادة، وهم الذين ظنوا أن المحبة تنافي أدب العبودية، ولا تصاحب خشية الله ومخافته التي يجب أن يتصف بها كل عبد لله، كما ظن أن المحبة لا تتحقق من المخلوق للخالق، وإنما المطلوب منه الطاعة والخضوع فقط.

ولذا نجد بعضهم يقول " اللهم إني أعبدك لا طمعا في ثوابك ولا خوفا من عقابك "، فانظر يا أخي المسلم، كيف فصلوا بين العبادة وبين الخوف والخشية، والمحبة والرجاء.


(١) سورة آل عمران الآية ٣١
(٢) سورة المائدة الآية ٥٤