للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمغالبة، وأيضا الحد في الآية لم يعرف في نصوص الشريعة أنه حد للسرقة، فكان حدا للمحاربة مستقلا؛ ولأن الصلب لم يعرف عقوبة شرعية لمجرد القتل. فكان في الآية حدا منفردا للحرابة، ولأن عقوبة قتل النفس قصاصا لا تسمى حدا فيقبل فيها عفو ولي الدم بخلافها في الحرابة والسعي في الأرض فسادا، فكانت حدا منفردا خاصا بها، ولأن عقوبة القتل والقطع لا تتأثر بالتوبة قبل القدرة على القاتل والسارق في غير الحرابة بخلافها في الحرابة فكانت فيها حدا منفردا. أ. هـ

وإذا كان الأمر كذلك وجب ألا تكون العقوبة فيها على التوزيع والترتيب حسب نوع الجريمة؛ ولأنهم قد يجمعون بين عقوبتين من الأربع دون مناسب، ثم دعوى الإجماع على أن المحارب الذي أخاف السبيل فقط لا يقتل، مردودة بوجود الخلاف عن جماعة ممن نقل عنهم القول بتخيير الإمام (١).

وأخيرا ما ذكر عنهم من التوزيع لم يجر على سنن مستقيمة ولا أصل مطرد.

ثانيا: قال الحسن ومجاهد وعطاء والنخعي وجماعة: الإمام بالخيار في المحارب: له أن يفعل أي هذه الأشياء التي ذكرها الله تعالى في الآية، كما هو المراد منها في آيات أخرى ولم يوجد ما يصرفها عن ذلك (٢) وهذا مروي عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة ولم يسمع منه. وذكره ابن القاسم عن مالك في إخافة السبيل فقط (٣)؛ لأن الظاهر من معنى هذه الآية التخيير، ولأن من أخذ قبل التوبة وقد أخاف السبيل فقط قد يكون أشد بأسا ممن أخذ بعد القتل وأخذ المال، وقد يكون قطع القاتل فقط من خلاف أنكى وأعظم عبرة فجعل الخيار للإمام أرعى للمصلحة (٤) وما روي من الأثر "عن ابن عباس رضي الله عنه في التخيير يستأنس به لذلك، ويبطل به وبما ذكره معه عن الحسن ومجاهد وعطاء وإبراهيم النخعي دعوى الإجماع- وقولهم: إن - أو- إذا كانا للتخيير بدئ بالأسهل فالأشد من الخصال المخير بينها قد يكون فيها المطلوب فيه السماحة والتخفيف، كخصال كفارة اليمين بخلاف ما المطلوب فيه التغليظ كما في آية الحرابة.

ثالثا: جمع مالك بين توزيع العقوبة في الحرابة وترتيبها حسب جريمتها وبين التخيير


(١) ص ٢٥ - ٢٦ من البحث في العدد الحادي عشر.
(٢) ص ٢٥ - ٢٦ - ٤٢ - ٤٤ - ٦٥ - ١٢٦ من البحث.
(٣) ص ٨٥ من البحث في العدد الحادي عشر.
(٤) ص ١٢٨ من البحث في العدد الحادي عشر.