للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٧ - عقوبة شارب الخمر ومتعاطي المخدرات:

أ- «أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعقوبة شارب الخمر فضرب في عهده بالجريد والنعال وغيرها (١)»، وقدر بعض الصحابة رضي الله عنهم ذلك بأربعين أو نحوا من أربعين، وقال أنس رضي الله عنه: «جلد النبي صلى الله عليه وسلم نحو أربعين (٢)»، وقال علي رضي الله عنه: «جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وجلد عمر ثمانين، وكل سنة (٣)»، وقال في جلده أربعين: هو أحب إلي.

وجلده أبو بكر رضي الله عنه أيام خلافته أربعين، وجلده عمر بمشورة الصحابة رضي الله عنهم آخر خلافته ثمانين، ومن هنا اختلف في عقوبة من يتناول المسكر هل هي حد أو تعزير؟ فمن نظر إلى ما نقل من التقدير اعتبرها حدا، ومن نظر إلى أن أمره صلى الله عليه وسلم بها ليس فيه تقدير، وأن الضرب كان مختلفا بالجريد والنعال واليد ونحوها، وأن تقدير من قدره من الصحابة رضي الله عنهم كان على وجه التقريب لا التحديد، وأنها زيدت آخر خلافة عمر رضي الله عنه. قال: إن العقوبة تعزير؛ لعدم التحديد منه صلى الله عليه وسلم والحدود لا تثبت بالتقدير التقريبي، ولا تجوز الزيادة عليها، وإذا كانت تعزيرا فللإمام تركها في بعض الوقائع لما يحيط بها مما يقضي بأن الترك أصلح، وله أن ينفذها مع التفاوت بالزيادة والنقص.

ب- المخدرات أشد خطرا من الخمر على متعاطيها في نفسه وأخلاقه وماله، وأسوأ عاقبة على المجتمع، فهي أشد تحريما من الخمر سواء قيل: إنها مسكرة أم لا، فيجب التشديد في عقوبتها والتغليظ على مروجيها بصناعة أو تجارة أو دعاية، لتعاونهم على الإثم والعدوان من إفساد العقول والأخلاق وانتشار الأمراض وضياع الأموال ونحو ذلك مما يخل بالأمن ويقلق راحة المجتمع.

٨ - مما تغلظ به العقوبة:

قد تغلظ العقوبة بالجهر بالمعصية وبمكابرة مرتكبها، وبفشوها وانتشارها بين الناس، وتتابعهم في ارتكابها، وتغلظ على الفرد بتكراره لها وإصراره عليها، وقد يكون التعزير بالقتل إذا لم تدرأ المفسدة إلا به.

٩ - ما تثبت به الحرابة وشرب الخمر والمخدر والمفتر:

تثبت الحرابة بشهادة عدلين وفي ثبوتها بالشهادة على السماع وبشهادة المسلوبين فيما


(١) صحيح البخاري الحدود (٦٧٧٣)، صحيح مسلم الحدود (١٧٠٦)، سنن الترمذي الحدود (١٤٤٣)، سنن أبو داود الحدود (٤٤٧٩)، سنن ابن ماجه الحدود (٢٥٧٠)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٢٤٧)، سنن الدارمي الحدود (٢٣١١).
(٢) صحيح البخاري الحدود (٦٧٧٦)، صحيح مسلم الحدود (١٧٠٦)، سنن الترمذي الحدود (١٤٤٣)، سنن أبو داود الحدود (٤٤٧٩)، سنن ابن ماجه الحدود (٢٥٧٠)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ١١٥)، سنن الدارمي الحدود (٢٣١١).
(٣) صحيح مسلم الحدود (١٧٠٧)، سنن أبو داود الحدود (٤٤٨٠)، سنن ابن ماجه الحدود (٢٥٧١)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ١٤٠)، سنن الدارمي الحدود (٢٣١٢).