للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كتاب "اجتماع الجيوش الإسلامية"، وأثنى على كتاب الدارمي في الرد على الجهمية، وعلى كتابه في "النقض " على " بشر المريسي " وقال: إنهما من أجل الكتب المصنفة في السنة وأنفعها، قال: وينبغي لكل طالب سنة مراده الوقوف على ما كان عليه الصحابة والتابعون والأئمة أن يقرأ كتابيه، قال: وكان شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يوصي بهذين الكتابين أشد الوصية، ويعظمهما جدا، وفيهما من تقرير التوحيد والأسماء والصفات بالعقل والنقل ما ليس في غيرهما. انتهى كلام ابن القيم رحمه الله تعالى.

قول عبد الله بن مسلم بن قتيبة

قال في كتابه "تأويل مختلف الحديث": نحن نقول في قوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} (١) إنه معهم بالعلم بما هم عليه، كما تقول للرجل: وجهته إلى بلد شاسع، ووكلته بأمر من أمورك، احذر التقصير والإغفال لشيء مما تقدمت فيه إليك فإني معك. تريد أنه لا يخفى علي تقصيرك، أو جدك للإشراف عليك والبحث عن أمورك.

وإذا جاز هذا في المخلوق الذي لا يعلم الغيب فهو في الخالق الذي يعلم الغيب أجوز. وكيف يسوغ لأحد أن يقول: إنه بكل مكان على الحلول مع قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (٢) وقوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} (٣)؟ وكيف يصعد إليه شيء هو معه، أو يرفع إليه عمل وهو عنده؟ قال: ولو أن هؤلاء رجعوا إلى فطرهم، وما ركبت عليه خلقتهم من معرفة الخالق سبحانه؛ لعلموا أن الله تعالى هو العلي، وهو الأعلى، وهو بالمكان الرفيع، وأن القلوب عند الذكر تسمو نحوه، والأيدي ترفع بالدعاء إليه. قال: والأمم كلها عربيها وعجميها تقول: إن الله تعالى في السماء ما تركت على فطرها، ولم تنقل عن ذلك بالتعليم.

قال: وأما قوله: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ} (٤) فليس في ذلك ما يدل على الحلول بهما، وإنما أراد أنه إله السماء وإله من فيها، وإله الأرض وإله من فيها. وكذلك قوله عز وجل:

{إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} (٥)، لا يريد أنه معهما بالحلول، ولكن بالنصرة والتوفيق والحياطة. انتهى المقصود من كلامه ملخصا.


(١) سورة المجادلة الآية ٧
(٢) سورة طه الآية ٥
(٣) سورة فاطر الآية ١٠
(٤) سورة الزخرف الآية ٨٤
(٥) سورة النحل الآية ١٢٨