للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قول أبي الحسن الأشعري

قال في كتابه "مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين ": جملة ما عليه أهل الحديث والسنة الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله، وما جاء من عند الله، وما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يردون من ذلك شيئا، إلى أن قال: وإن الله سبحانه على عرشه كما قال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (١) ثم قال بعد إيراد أقوال أصحاب الحديث والسنة: وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول وإليه نذهب.

وقال في كتاب "الإبانة عن أصول الديانة": إن قال قائل: ما تقولون في الاستواء؟ قيل له: نقول: إن الله - عز وجل - مستو على عرشه، كما قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (٢) واستدل بآيات من القرآن على علو الرب فوق السماوات، ومنها قول الله - عز وجل -: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ} (٣) ثم قال: فالسماوات فوقها العرش، فلما كان العرش فوق السماوات قال: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} (٤)؛ لأنه مستو على العرش الذي فوق السماوات، وكل ما علا فهو سماء، فالعرش أعلى السماوات، وليس إذا قال: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} (٥) يعني جميع السماوات، وإنما أراد العرش الذي هو أعلى السماوات، إلى أن قال: ورأينا المسلمين جميعا يرفعون أيديهم - إذا دعوا - نحو السماء؛ لأن الله - عز وجل - مستو على العرش الذي هو فوق السماوات، فلولا أن الله - عز وجل - على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو العرش. انتهى.

قول أبي بكر محمد بن الحسين الآجري

قد ذكرت كلامه في ذلك مع أقوال الذين نقلوا الإجماع على أن الله تعالى فوق العرش، وعلمه محيط بكل شيء من خلقه. وقد ذكر أن هذا قول المسلمين.

وقال في كتاب "الشريعة": قال جل ذكره: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (٦) وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استفتح دعاءه يقول: «سبحان ربي الأعلى الوهاب (٧)». وكان جماعة من الصحابة إذا قرءوا: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (٨) قالوا: سبحان ربنا الأعلى، منهم علي بن أبي طالب، وابن عباس، وابن مسعود، وابن عمر رضي الله عنهم.

وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أمته أن يقولوا في السجود: (سبحان ربي الأعلى ثلاثا)، وهذا كله يقوي ما قلنا: إن الله - عز وجل - العلي الأعلى، عرشه فوق السماوات العلا، وعلمه محيط بكل شيء خلاف ما قالته


(١) سورة طه الآية ٥
(٢) سورة طه الآية ٥
(٣) سورة الملك الآية ١٦
(٤) سورة الملك الآية ١٦
(٥) سورة الملك الآية ١٦
(٦) سورة الأعلى الآية ١
(٧) مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٥٤).
(٨) سورة الأعلى الآية ١