للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحلولية. نعوذ بالله من سوء مذهبهم.

وقال أيضا: وما يحتج به الحلولية مما يلبسون به على من لا علم معه قول الله - عز وجل -: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} (١) وقد فسر أهل العلم هذه الآية: هو الأول قبل كل شيء من حياة وموت، والآخر بعد كل شيء بعد الخلق، وهو الظاهر فوق كل شيء، يعني ما في السماوات، وهو الباطن دون كل شيء، يعلم ما تحت الأرضين، دل على هذا آخر الآية: {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (٢) كذا فسره مقاتل بن حيان، ومقاتل بن سليمان، وبينت ذلك السنة، ثم ساق حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء (٣)». قال: ومما يلبسون به على من لا علم معه قوله تعالى: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ} (٤) وبقوله عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ} (٥) وهذا كله إنما يطلبون به الفتنة، كما قال الله - عز وجل -: {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} (٦)، وعند أهل العلم من أهل الحق: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ} (٧) هو كما قال أهل الحق: يعلم سركم.

مما جاءت به السنن أن الله - عز وجل - على عرشه، وعلمه محيط بجميع خلقه، يعلم ما تسرون وما تعلنون، يعلم الجهر من القول، ويعلم ما تكتمون. وقوله عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ} (٨) فمعناه: أنه جل ذكره إله من في السماوات، وإله من في الأرض، هو الإله يعبد في السماوات، وهو الإله يعبد في الأرض، هكذا فسره العلماء. ثم روى بإسناده عن قتادة في قول الله - عز وجل -: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ} (٩) قال: هو إله يعبد في السماء، وإله يعبد في الأرض، انتهى.

قول الحافظ أبي الشيخ عبد الله بن محمد بن حيان

ذكر الذهبي في كتاب "العلو"، وابن القيم في كتاب "اجتماع الجيوش الإسلامية" عنه أنه قال في كتاب "العظمة": ذكر عرش الرب - تبارك وتعالى - وكرسيه، وعظمة خلقهما، وعلو الرب - جل جلاله - فوق عرشه. ثم ساق جملة من الأحاديث في ذلك.


(١) سورة الحديد الآية ٣
(٢) سورة الحديد الآية ٣
(٣) صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (٢٧١٣)، سنن الترمذي الدعوات (٣٤٨١)، سنن أبو داود الأدب (٥٠٥١)، سنن ابن ماجه الدعاء (٣٨٣١)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٤٠٤).
(٤) سورة الأنعام الآية ٣
(٥) سورة الزخرف الآية ٨٤
(٦) سورة آل عمران الآية ٧
(٧) سورة الأنعام الآية ٣
(٨) سورة الزخرف الآية ٨٤
(٩) سورة الزخرف الآية ٨٤