فقد رفعت تاء المخاطب بيننا ... وفي رفعها عن فرقة الفرق رفعتي
لا فلك إلا ومن نور باطني ... به ملك يهدي الهدى بمشيئتي
ولا قطر إلا حل من فيض ظاهري ... به قطرة عنها السحائب سحت
ولولاي لم يوجد وجود ولم يكن ... شهود ولم تعهد عهود بذمة
ولا حي إلا من حياتي حياته ... وطوع مرادي كل نفس مريدة
فماذا يحكم القارئ على من هذا كلامه وهو يفتري أن ملكوت كل شيء بيده، وأن الوجود كله قطرة من فيض جوده ومن وجوده وأن كل شيء طوع هواه.
فلنسمع مرة أخرى أيها القارئ إلى فرية لابن الفارض إذ يزعم أن جميع الصلوات التي يؤديها العباد والنساك في جميع الجهات الست، وتلك المناسك التي ينسكها الحجاج والمعتمرون إنما ترفع الحقيقة إلى ابن الفارض من حيث لا يشعر أولئك العباد والحجاج والعمار والطائفون بالبيت العتيق، بل إنه نفسه إنما يصلي - لو كانت له صلاة - لنفسه وذلك إذ يقول:
وكل الجهات الست نحوي توجهت ... بما تم من نسك وحج وعمرة
لها صلواتي بالمقام أقيمها ... وأشهد فيها أنها لي صلت
ولا يزال يكرر مزاعمه التي ضلل بها كثيرا من السذج، فيزعم أنه ليس في هذا الوجود متناقضات ولا أضداد أو أغيار أو أمثال، بل الوجود كله حقيقة واحدة. ولا يقال (خالق ومخلوق) أو (رب ومربوب) أو (عابد ومعبود) وذلك حيث يقول:
تعانقت الأطراف عندي وانطوى ... بساط السوي عدلا بحكم السوية
ثم صرح بأنه هو المعبود الذي يصلي له كل مصل ويسجد له كل ساجد، فيقول:
كلانا مصل واحد ساجد إلى ... حقيقته بالجمع في كل سجدة
وما كان لي صلى سواي ولم تكن ... صلاتي لغيري في أداء كل سجدة
وهذا الهذيان المارق قد صرح به شيخهم الأكبر والزنديق الأكفر ابن عربي الطائي، إذ يقول - مستخدما أسلوب التقديس تلبيسا على الأغمار: