للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبحان من أظهر الأشياء وهو عينها، تعالى الله عما زعم علوا كبيرا، إذ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (١).

وقال أيضا في موضع آخر من فتوحاته: (إن العارف من يرى الحق (الله) في كل شيء بل يراه عين كل شيء) (٢).

وترى الصوفية قاطبة أن هذا أدق تعريف للعارف بالله، يا سبحان الله إذا سمي الكفر إيمانا، والجهل معرفة، والمروق وصولا ما الذي بقي من الحقائق على ظواهرها؟! وإنما تكد الصوفية ليل نهار وتقدم جميع الوسائل البدعية للوصول إلى هذه الدرجة من الكفر الذي ليس بعده كفر، وليس باسم الوصول.

وما ذكرنا من كلام ابن عجيبة وشرحناه وما أضفنا إليه من كلام ابن الفارض وابن عربي، إنما هو قطرة من بحار كفرهم، ويعرف ذلك بالاطلاع على " فصوص الحكم "، " والفتوحات المكية " وهما لابن عربي، وما جاء في " التائية الكبرى " لابن الفارض، وما ورد في " إيقاظ الهمم في شرح الحكم " لابن عجيبة، وغيرها من الكتب التي كتبها المؤمنون بهم والمدافعون عن معتقداتهم وهي كثيرة.

هذا، وبرهان الدين البقاعي الذي كان يعيش في القرن التاسع الهجري قد ألف كتابا سماه (تنبيه الغبي بتفكير عمر بن الفارض وابن عربي) وكتابا آخر (تحذير العباد من أهل العناد ببدعة الاتحاد). وقد دمجهما في كتاب واحد الشيخ السني الداعية عبد الرحمن الوكيل.

والكتاب ينقد التصوف نقدا قاتلا - كما يقول الشيخ الوكيل -: فجزى الله البقاعي والوكيل خير الجزاء على ما قدما من بيان الحق ودحض الباطل ونصح القارئ والمطلع.

وللشيخ عبد الرحمن الوكيل كتاب آخر سماه (هذه هي الصوفية) والكتاب فريد في بابه، وهو مع كثرة النقول المعزوة يمتاز بمعلومات أضافها الشيخ رحمه الله، تلك المعلومات التي اكتسبها إبان أن كان أسيرا عند الصوفية في صباه كما يحكي الشيخ في هذا الكتاب كيف حاولت الصوفية أن تفسد فطرة الصبي وتزين له دين الصوفية وإبعاده عن


(١) سورة الشورى الآية ١١
(٢) " هذه هي الصوفية " نقلا عن الفتوحات المكية لابن عربي.