للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفضل وهو يدرس لعلاج الناس، وللبحث في إعجاز الله في خلقه تبعا لأوامر الله وتوجيهاته في كتابه؟ وهل معنى أن دارس الشريعة لأنه يفيد عددا أكبر من الناس عن الطبيب المتخصص الذي يفيد عددا أقل بحكم أن المرضى هم جزء من الناس، أنه أكثر إثابة من الطبيب أم أن الله سيحاسب الاثنين كلا على قدر جهده وعلمه وعمله المتعلق بظروفه الخاصة؟

وأجابت اللجنة الدائمة بما يلي:

أولا: أنزل الله تعالى كتابه وأرسل رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم ليهدي الناس إلى الصراط المستقيم في عقائدهم وعبادتهم ربهم سبحانه؛ وليبين لهم أحكام ما يدور بينهم من معاملات تنتظم بها أمور دينهم ودنياهم بيانا شافيا، وقد أتم الله نعمته بذلك على عباده وأكمل لهم دينهم الذي ارتضاه لهم، قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (١).

ثانيا: أمر الله تعالى عباده أن يتدبروا آياته الكونية، وأن يتبصروا في عجائب مخلوقاته ليقفوا على أسرارها، وليتعرفوا من خلال ذلك على بارئها، فيؤمنوا به، وتخبت له قلوبهم، ويقدروه حق قدره {وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} (٢) فيعبدوه وحده لا شريك له، مخلصين له الدين، رجاء ثوابه وخوف عقابه، وليستيقنوا أنه لم يخلقهم عبثا، ولن يتركهم سدى، فإن مقتضى حكمته أن يعيدهم ليوم الجزاء، ليوفي كل نفس ما كسبت {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} (٣) {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (٤)، {أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} (٥) {ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (٦) {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ} (٧)، فهذه الآيات سيقت للاستدلال بما ذكر فيها من توحيد الربوبية على إثبات ما سبقها من الخبر عن توحيد الإلهية الذي دعا إليه كل من نوح وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام قومه، وللاستدلال بما ذكر فيها


(١) سورة المائدة الآية ٣
(٢) سورة إبراهيم الآية ٥٢
(٣) سورة الزلزلة الآية ٧
(٤) سورة الزلزلة الآية ٨
(٥) سورة العنكبوت الآية ١٩
(٦) سورة العنكبوت الآية ٢٠
(٧) سورة العنكبوت الآية ٢١