للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأراد منعهم فتسوروا عليه داره وأرادوا قتله، ولكن أتباع الشيخ علموا بذلك فظلوا في حراسته وأرهبوهم فرجعوا خائفين.

انتقال الشيخ إلى العيينة: بعد أن وقعت للشيخ هذه الحوادث في بلدة حريملاء انتقل منها إلى العيينة لأن حريملاء صغيرة لا تتسع للدعوة ونشرها، أما العيينة فهي من أكبر مدن نجد وأكثرها سكانا، وكان أميرها إذ ذاك عثمان بن حمد بن عبيد الله بن معمر، فقابله أميرها بالحفاوة والتكريم وتزوج فيها الجوهرة بنت عبد الله بن معمر.

وناصره الأمير وآزره وألزم العامة والخاصة بامتثال أمره وقبول قوله، فقويت شوكته واتسع نفوذه وذاع صيته واشتهر أمره فقام بقطع الأشجار المعظمة وكسر الأحجار وهدم القباب والمشاهد وتعديلها على السنة، وقد هدم بيده قبة زيد بن الخطاب لأن الناس كانت تتهيب هدمها وتخاف من صاحبها أن ينزل بهم العقاب، وقد انتظروا الليلة التي هدمها فيها الشيخ وهم يترقبون له حدثا ولكنه ظهر بأحسن حال، فعلم جهال القوم أن ما يفعله الشيخ صحيح، وأن ما كانوا عليه باطلا وشركا وضلالا قال الله تعالى: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} (١) ولكن هل يقتنع أهل الضلالة ويقلعوا عن غيهم وضلالهم ويتبعوا الهدى والنور. لا، إنهم في غمرة وجهالة وعناد وخصام لكل ما هو خير للإنسانية فتجمعوا على المخاصمة والحرب. وتأليب الناس على الشيخ وإذاعة الأباطيل والأكاذيب ينشرونها بين الناس، ولجئوا في ذلك إلى ضعاف النفوس من علماء تلك البلاد الذين لا يبتغون من علمهم وجه الله وإنما يسيرون وراء منفعة مادية أو مصلحة دنيوية، فألف هؤلاء العلماء المصنفات في تضليل الشيخ وأنه قد غير في الشرع والسنة، وأغروا به الخاصة والعامة وخصوصا السلاطين والحكام، وخوفوهم منه على سلطانهم وحكم بلادهم وخروج الناس عليهم وإعلان عصيانهم.

الدعوة تنتشر رغم المعارضة: لقد اشتد أمر الشيخ وقوى عوده فقام بتنفيذ بعض الأحكام الشرعية فنفذ الحكم في امرأة زانية أقرت وهي محصنة. وفشا التوحيد وانتشر واطمأن الناس إلى حكم الله. ولكن أعداء الحق والعدالة لا ينامون يخافون على


(١) سورة ص الآية ٥