للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حجب التوبة عن المبتدع حتى يدع بدعته، وهذا كاف في بيان سوء الابتداع وقبح البدع وأن أصحابها بعيدون عن هدي الله الذي كانوا يظنون أنهم بابتداعهم يقتربون منه. فقوله عليه الصلاة والسلام: «شر الأمور محدثاتها (١)». وقوله: «كل محدثة بدعة (٢)». في بعض الروايات. وقوله: «وكل بدعة ضلالة (٣)». وقوله: «إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته (٤)» هذه كلها نواه وزواجر تقرع الأسماع ليكون فيها عبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

٦ - ومنها ما جاء في الحديث الطويل عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه قال: قلت: «يا رسول الله: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم وفيه دخن. قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم: دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها. قلت: يا رسول الله: صفهم لنا. قال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا. قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك (٥)» رواه البخاري (٦).

ووجه الدلالة من الحديث: أن المحدثات في الدين أيا كان نوعها هي من الشرور والآثام التي حذر منها الشارع وأخبر أنها سبب لقذف أصحابها في نار جهنم. وهذا وعيد شديد لدعاة الباطل كالمبتدعة وأتباعهم ليقلعوا عما هم عليه حتى لا يقعوا تحت طائلة هذا الوعيد.

٧ - ومما جاء عن الصحابة والتابعين في ذم البدع:


(١) سنن ابن ماجه المقدمة (٤٦).
(٢) سنن أبو داود السنة (٤٦٠٧)، سنن الدارمي المقدمة (٩٥).
(٣) صحيح مسلم الجمعة (٨٦٧)، سنن النسائي صلاة العيدين (١٥٧٨)، سنن ابن ماجه المقدمة (٤٥)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣١١)، سنن الدارمي المقدمة (٢٠٦).
(٤) سنن ابن ماجه المقدمة (٥٠).
(٥) صحيح البخاري المناقب (٣٦٠٦)، صحيح مسلم الإمارة (١٨٤٧)، سنن ابن ماجه الفتن (٣٩٧٩).
(٦) صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري، ٣٥/ ١٣.