للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعلقونها يرون أنها تدفع عنهم الآفات، وهذا جهل وضلال، إذ لا مانع ولا دافع غير الله تعالى.

وقال أبو السعادات: التمائم جمع تميمة، وهي خرزة كانت العرب تعلقها على أولادهم، يتقون بها العين في زعمهم، فأبطلها الإسلام، فلا أتم الله له. دعاء عليه ومن تعلق ودعة بفتح الواو وسكون المهملة. قال في مسند الفردوس: الودع شيء يخرج من البحر شبه الصدف يتقون به العين فلا ودع الله له بتخفيف الدال، أي: لا جعله له في دعة وسكون.

قال أبو السعادات: هذا دعاء عليه. وروى هذا الحديث أيضا أبو يعلى، والحاكم وقال: صحيح الإسناد وأقره الذهبي. وفي رواية لأحمد: «من تعلق تميمة فقد أشرك (١)» وهذا أصرح من الأول، ورواه الحاكم أيضا بنحوه، ورواته ثقات.

قال ابن الأثير: إنما جعلها شركا لأنهم أرادوا دفع المقادير المكتوبة عليهم وطلبوا دفع الأذى من غير الله الذي هو دافعه.

قال: ولابن أبي حاتم، عن حذيفة، أنه رأى رجلا في يده خيط من الحمى فقطعه وتلا قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} (٢).

وفي لفظ: دخل حذيفة على مريض فرأى في عضده سيرا فقطعه أو انتزعه، ثم قال: {وَمَا يُؤْمِنُ} (٣) الخ.

كان الجهال يعلقون التمائم والخيوط ونحوها لدفع الحمى واستدل حذيفة بالآية على أن هذا شرك.

وفيه صحة الاستدلال على الشرك الأصغر بما أنزل الله تبارك في الشرك الأكبر؛ لشمول الآية له ولدخوله في مسمى الشرك.

وفي رواية عن حذيفة بلفظ: أنه دخل على مريض فلمس عضده، فإذا فيه خيط، فقال: ما هذا؟ قال: شيء رقي لي فيه. فقطعه، وقال: لو مت وهي عليك ما صليت عليك.


(١) مسند أحمد بن حنبل (٤/ ١٥٦).
(٢) سورة يوسف الآية ١٠٦
(٣) سورة يوسف الآية ١٠٦