وفي إنكار مثل هذا وإن كان يعتقد أنه سبب، فالأسباب لا يجوز منها إلا ما أباحه الله ورسوله مع عدم الاعتماد عليها.
وأما التمائم والخيوط والحروز والطلاسم ونحو ذلك مما يعلقه الجهلة البطلة فهو شرك، يجب إنكاره وإزالته بالقول والفعل، وإن لم يأذن فيه صاحبه.
وفي هذه الآثار عن الصحابة ما يبين كمال علمهم بالتوحيد، وبما ينافيه من أنوع الشرك أو ينافي كماله.
وقال: في فصل في رد شرك الرقى والتمائم
عن أبي بشير الأنصاري، «أنه كان مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في بعض أسفاره - قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على تعيينه - فأرسل رسولا - هو زيد بن حارثة، رواه الحارث بن أسامة في مسنده كما قال الحافظ - أن لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر - بفتحتين واحد أوتار القوس، وكان أهل الجاهلية إذا اخلولق الوتر أبدلوه بغيره وقلدوا به الدواب؛ اعتقادا منهم أنه يدفع عن الدابة العين - أو قلادة إلا قطعت (١)». رواه الشيخان في الصحيحين.
والشك فيه من الراوي: هل قال شيخه: قلادة من وتر. أو قال: قلادة. وأطلق ولم يقيد. ويؤيد الأول ما روي عن مالك: أنه سئل عن القلادة فقال: ما سمعت بكراهتها إلا في الوتر.
ولأبي داود قلادة بغير شك.
قال البغوي في شرح السنة: تأول مالك أمره عليه السلام بقطع القلائد على أنه من أجل العين، وذلك أنهم كانوا يشدون تلك الأوتار والتمائم والقلائد ويعلقون عليها العوذ، ويظنون أنها تعصمهم من الآفات. فنهاهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنها، وأعلمهم أنها لا ترد من أمر الله شيئا.
وقال أبو عبيدة: كانوا يقلدون الإبل الأوتار لئلا تصيبها العين. فأمرهم النبي -صلى الله عليه وآله وسلم - بإزالتها إعلاما لهم بأن الأوتار لا ترد شيئا، وكذا قال ابن الجوزي وغيره.
(١) صحيح البخاري الجهاد والسير (٣٠٠٥)، صحيح مسلم اللباس والزينة (٢١١٥)، سنن أبو داود الجهاد (٢٥٥٢)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٢١٦)، موطأ مالك الجامع (١٧٤٥).