التوبة، هذا هو الظاهر من كلام بهجة الأنوار المتقدم الذكر (١)؛ فإنه يلوح منه أن المحاسبة للمؤمن المقصر التائب، هي ثمرة فهمهم لآيات الوعد الكريم من الله الوارد في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم مع طعنهم في الأحاديث التي لا ترد عن طريق أهل ملتهم ولا يقبلون من الإجماع إلا الإجماع الحاصل قبل خلافهم مع علي رضي الله عنه، هذا أهم أصل خالفوا فيه أهل السنة في أمر التوحيد.
أما في الجانب الفقهي فإن لم اجتهاداتهم الخاصة، ومن ذلك أنهم لا يرجمون الزاني، ولا يقبلون في الجملة ما ورد من اجتهادات عن كبار الصحابة بعد الفرقة التي كانت زعامتها فيهم، نعوذ بالله من الفرقة عن الحق والتفرق عن أهله، ولهم مفاهيمهم الفقهية الخاصة بهم.
وأما الشيعة:
فكان لانفرادهم في نزعتهم سوء ظنهم بمن يخالفهم في التشيع الأثر العميق في الاجتهاد الفقهي، وذلك أن الفقه عندهم وإن كان يعتمد على كتاب السنة أصلا إلا أن منهجهم في الاستنباط يخالف مذهب أهل السنة والجماعة من وجوه:
أحدها: كونهم لا يقبلون من الأحاديث ولا من الأصول أو الفروع شيئا إلا ما كان عن طريق أئمتهم.
الثاني: أنهم ما كانوا يرون الأخذ بالإجماع أو استعمال الرأي في بعض كتبهم القول بالإجماع بشرط أن يكون فيهم المعصوم، وتلك خديعة حاذقة، ذلك أن مبنى هذا أن عدم وجود الإمام المعصوم مفسد للإجماع، فوجوده إذا هو المعتبر دون غيره، إذ لو أجمعت الأمة كلها على مر عصورها وتعاقب أجيالها ولا يكون في الأمة في أي جيل هذا المعصوم فلا عبرة بإجماعها.