شيئا، ويحلك لي؟ قالت: نعم إن شئت. فأخبره ذلك، قال: نعم. فتزوجها فدخل بها، فلما أصبحت أدخلت إخوته الدار، فجاء القرشي يحوم حول الدار، ويقول: يا ويلاه غلب على امرأتي. فأتى عمر فقال: يا أمير المؤمنين غلبت على امرأتي، قال: من غلبك؟ قال: ذو الرقعتين. قال: أرسلوا إليه. فلما جاء الرسول قالت له المرأة (أي لمن تزوجها): كيف موضعك من قومك؟ قال: ليس بموضعي بأس. قالت: إن أمير المؤمنين يقول لك: أتطلق امرأتك؟ فقل: والله لا أطلقها؛ فإنه لا يكرهك. وألبسته حلة، فلما رآه عمر من بعيد قال: الحمد لله الذي وفق ذا الرقعتين. فدخل عليه، فقال له: أتطلق امرأتك؟ قال: لا، والله لا أطلقها. فقال له عمر: لو طلقتها لأوجعت رأسك بالسوط. فهذا عن عمر - رضي الله عنه - وهو شرط تقدم العقد، وقد حكم عمر بصحته، وإذا كان الأمر كذلك صارت المسألة خلافية، ويحمل ما ثبت عن عمر من أنه نهى عن نكاح المحلل على الشرط المقرون بالعقد، فتتفق الروايات عن عمر.
وأجاب ابن تيمية عن ذلك بوجوه، نذكر منها ما يأتي: أولا:
أن هذا منقطع ليس له إسناد، يدل لذلك ما رواه أبو حفص عن أبي النضير قال: سمعت أبا عبد الله يقول في المحلل والمحلل له: أن يفسخ نكاحه في الحال. قلت: أوليس يروى عن عمر حديث ذي الرقعتين حيث أمره عمر ألا يفارقها؟ قال: ليس له إسناد. وقال أبو عبيد: هذا حديث مرسل؛ لأن ابن سيرين وإن كان مأمونا لم ير عمر ولم يدركه، فأين هذا من الذين سمعوا عمر يخطب على المنبر لا أوتى بمحلل ولا محلل له إلا رجمتهما. ثم أين هذا مما روي عن ابن عمر، أنه سئل عن تحليل المرأة لزوجها فقال: ذلك السفاح، لو أدرككم عمر لنكلكم. والمنقطع إذا عارض المسند لم يلتفت إليه.
ثانيا: إن كان هذا له أصل، فلعل الإرادة فيه لم تكن من الزوج الثاني، وإنما كانت من الزوج الأول المطلق، وذلك لا يضر ما دام الزوج الثاني لم ينو التحليل، ويقوي هذا أن الرجل لما جاء إلى عمر - رضي الله عنه - إنما قال: غلبت على امرأتي. ولم يقل: غدر بي، ولا مكر بي، ولا خدعت. ولو كان الزوج قد واطأه على أن يخلعها أو يطلقها لكانت شكاية إلى عمر، واحتجاجه أولى بما قاله؛ فإنه أقل ما في ذلك أن ذو الرقعتين يكون قد صدق فكذبه، ووعده فأخلفه.