للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمين، والشيء نفسه نجده عند النصارى كما يروى، " قيل إن أول من تكلم في القدر رجل من أهل العراق كان نصرانيا فأسلم ثم تنصر، وأخذ عنه معبد الجهني وغيلان الدمشقي.

ومن هذا نرى: أن الفكرة دخيلة في الإسلام، راجت بين المسلمين من عنصر أجنبي دعا إليها باسم الإسلام وهو يضمر غيره (١).

وإلى جانب هذا: كان اليهود يثيرون من الأفكار ما يدعو إلى الرد والمناظرة، فقد شكك أحدهم أهل البصرة في نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - ودعاهم إلى الوقوف عند نبوة موسى فهي الثابتة دون غيرها، الأمر الذي جعل علماء السلف يناظرون هذا اليهودي وغيره ويفحمونهم.

كما ادعى بعضهم أن رسالة محمد إلى العرب خاصة، بل ادعى هذا - وهو عيسى بن يعقوب الأصبهاني - النبوة لنفسه وزعم أن الله كلمه، وأنه أرسل من قبل المسيح المنتظر (٢).

كذلك كان اليهود وراء مشكلات كثيرة مثل مشكلة خلق القرآن، والدعوة إلى فهم النصوص على ظاهرها في مسألة الصفات مما أدى إلى التمثيل والتشبيه (٣).

كذلك كان بعض النصارى يعلمون أتباعهم كيف يجادلون المسلمين بطريقة تشككهم في عقيدتهم كما فعل يوحنا الدمشقي الذي كان يعلم النصارى حوارا " إذا سألك العربي: ما تقول في المسيح؟ فقل: إنه كلمة الله. ثم ليسأل النصراني المسلم: بم سمي المسيح في القرآن؟ وليرفض أن يتكلم بشيء حتى يجيب المسلم؛ فإنه سيضطر إلى أن يقول: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ} (٤) فإذا أجاب بذلك فاسأله عن كلمة الله وروحه مخلوقة أو غير مخلوقة. فإن قال: مخلوقة. فليرد عليه: بأن


(١) تاريخ المذاهب / ١/ ١٢٥.
(٢) الملل والنحل / ٢/ ٥٥.
(٣) الملل والنحل / ١/ ١٤١.
(٤) سورة النساء الآية ١٧١