يقظة الحضارة الأوروبية. وتعتبر القائمة التي أوردها الدكتور (عبد الرحمن بدوي) حول الدراسات الأوربية عن ابن خلدون (في كتابه عنه) من الأدلة الواضحة على عمق هذا التأثير ووضوحه.
وقد تيقظ الأوربيون منذ بداية عصر النهضة، وبرعوا في النظر إلى التاريخ نظرة أقرب إلى الشمول والتكاملية، فلم يعد التاريخ مجرد حروب ومعاهدات، بل أصبح في رأي أكثرهم:
"الأرض التي يجب أن تقف الفلسفة عليها وهي تنسج سائر ألوان المعرفة في نسيج واحد لينير طريق الحياة الإنسانية ".
ويروج الأوربيون أن " فولتير " هو الذي بدأ هذه النظرة الشاملة للتأريخ، إذ إنه صاحب أول كتاب ذائع الصيت في تطبيق النظرة الجديدة للتأريخ، وهو كتاب:(رسالة في أخلاق الشعوب وروحها ووقائع التاريخ الرئيسية منذ شركمان وحتى لويس الثالث عشر).
لكن الحقيقة أن فولتير مسبوق بكثيرين، لعل من أهمهم " الراهب بوسيه " الذي كان يرى أن التاريخ " دراما إلهية مقدسة، وكل حادثة فيه هي درس من السماء تعلمه للإنسان"، كما سبقه أيضا المؤرخ المشهور " جيوفانو باتستافيكو " الذي كان يعترف بوجود العناية الإلهية، (مثل الراهب بوسيه) ولكنه في الوقت نفسه كان يفسر أحداث التاريخ تفسيرا أرضيا وبشريا خاضعا لقوانين شبه كلية، سواء كانت مسيرة التاريخ في اتجاه صحيح أو اتجاه فاسد.
وقد توصل فيكو إلى تقسيم ثلاثي للتاريخ على أساس أنه ثلاث مراحل (مرحلة الهمجية، ومرحلة البربرية، ومرحلة الحضارة)، وهو تقسيم يذكرنا بتقسيم هيجل، وتقسيم أوجست كونت، وإن كانت ثمة فروق كثيرة بينهم.
وعلى أية حال فإن النظرة الأوربية تعتبر " فولتير " بداية عصر جديد في