للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو محمد: هذا خطأ من أبي ثور؛ لأن منافع ما باع البائع من دار أو عبد أو دابة أو ثوب أو غير ذلك فإنما هي له ما دام كل ذلك في ملكه فإذا خرج عن ملكه فمن الباطل والمحال أن يملك ما لم يخلقه الله تعالى بعد من منافع ما باع، فإذا أحدثها الله تعالى فإنما أحدثها الله تعالى في ملك غيره فهي ملك لمن حدثت (عنده) (١) في ملكه فبطل توجيه أبي ثور، وكذلك باقي تقسيمه؛ لأنه دعوى بلا برهان.

وأما قول أحمد فخطأ أيضا؛ لأن تحريم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشرطين (٢) في بيع ليس مبيحا لشرط واحد ولا محرما له لكنه مسكوت عنه في هذا الخبر، فوجب طلب حكمه في غيره، فوجدنا قوله صلى الله عليه وسلم «كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل (٣)» فبطل الشرط الواحد وكل ما لم يعقد إلا به، وبالله تعالى التوفيق.

وبقي حديث بريرة وجابر في الجمل، فنقول وبالله تعالى التوفيق: إننا روينا ما حدثناه محمد بن سعيد بن نبات نا محمد بن أحمد بن مفرج نا عبد الله بن جعفر ابن الورد نا يحيى بن أيوب بن بادي العلاف نا يحيى بن بكير نا الليث بن سعد عن هشام بن عروة عن عائشة قالت: «جاءتني بريرة فقالت كاتبت أهلي على تسع أواق كل عام أوقية فأعينيني فقالت عائشة: إن أحب أهلك أن أعدها لهم عدة واحدة ويكون لي ولاؤك فعلت، فعرضتها عليهم فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم فسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك فسألها فأخبرته فقال: خذيها واشترطي لهم الولاء فإنما الولاء لمن أعتق، ففعلت فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشية في الناس فحمد الله عز وجل ثم قال: ما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله عز وجل؟ ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق وشرط الله أوثق (٦)» وذكر باقي الخبر.

* * *

وأما طريق البخاري نا أبو نعيم نا عبد الواحد بن أيمن نا أبي قال: دخلت على عائشة رضي الله عنها (٧) فقالت: «دخلت بريرة - وهي مكاتبة - وقالت: اشتريني وأعتقيني، قالت: نعم قالت: لا يبيعوني حتى يشترطوا ولائي، فقالت عائشة: لا حاجة لي بذلك، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ: اشتريها وأعتقيها ودعيهم يشترطون ما شاءوا فاشترتها عائشة فأعتقتها واشترط أهلها الولاء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ: الولاء لمن أعتق وإن كان مائة شرط (٨)».


(١) الزيادة من النسخة رقم ١٦.
(٢) في النسخة رقم ١٤ (للشرطين).
(٣) صحيح البخاري العتق (٢٥٦٣)، صحيح مسلم العتق (١٥٠٤)، سنن الترمذي الوصايا (٢١٢٤)، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٥٢١)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٢١٣)، موطأ مالك العتق والولاء (١٥١٩).
(٤) صحيح البخاري العتق (٢٥٦٣)، صحيح مسلم العتق (١٥٠٤)، سنن أبو داود العتق (٣٩٢٩)، موطأ مالك العتق والولاء (١٥١٩).
(٥) في النسخ كلها: أن أحبوا أهلك. (٤)
(٦) في النسخة رقم ١٤ أن يكون لهم الولاء. (٥)
(٧) الزيادة من صحيح البخاري ج٣ ص ٣٠٤ والحديث فيه مطول اختصره المصنف.
(٨) صحيح البخاري كتاب العتق (٢٥٦٥)، صحيح مسلم العتق (١٥٠٤)، سنن أبو داود العتق (٣٩٢٩)، موطأ مالك العتق والولاء (١٥١٩).