للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شبهة بقدر ما فيه من الحرام إن كثر الحرام كثرت الشبهة، وإن قل قلت، وذكر حديث «الحلال بين والحرام بين (١)» وأما في ظاهر الحكم: فإنه يباح معاملة من لم يتعين التحريم في الثمن الذي يؤخذ منه؛ لأن الأصل: أن ما في يد الإنسان ملكه. وقد قال بعض السلف بع الحلال ممن شئت يعني إذا كانت بضاعتك حلالا فلا حرج عليك في بيعها ممن شئت، ولكن الورع ترك معاملة من في ماله الشبهات، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك (٢)»

وقال ابن نجيم - القاعدة الرابعة عشرة- ما حرم أخذه حرم إعطاؤه كالربا ومهر البغي وحلوان الكاهن والرشوة وأجرة النائحة والزامر إلا في مسائل الرشوة؛ لخوف على نفسه أو ماله أو ليسوي أمره عند سلطان أو أمير إلا للقاضي فإنه يحرم الأخذ والإعطاء كما بيناه في شرح الكنز من القضاء وفك الأسير، وإعطاء شيء لمن يخاف هجوه. ولو خاف الوصي أن يستولي غاصب على المال فله أداء شيء ليخلصه كما في الخلاصة. انتهى (٣).

وقال الشيخ ملا علي القارئ في كلامه عن التوبة وأركانها: فإن كانت من مظالم الأموال فتتوقف صحة التوبة منها مع ما قدمناه في حقوق الله تعالى على الخروج عن عهدة الأموال وإرضاء الخصم في الحال والاستقبال بأن يتحلل منهم أو يردها إليهم أو إلى من يقوم مقامهم من وكيل أو وارث هذا، وفي القنية رجل عليه ديون لأناس لا يعرفهم من غصوب أو مظالم أو جنايات يتصدق بقدرها على الفقراء على عزيمة القضاء إن وجدهم مع التوبة إلى الله.

ولو صرف ذلك المال إلى الوالدين والمولودين أي الفقراء يصير معذورا


(١) صحيح البخاري الإيمان (٥٢)، صحيح مسلم المساقاة (١٥٩٩)، سنن الترمذي البيوع (١٢٠٥)، سنن النسائي البيوع (٤٤٥٣)، سنن أبو داود البيوع (٣٣٢٩)، سنن ابن ماجه الفتن (٣٩٨٤)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٢٧٠)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٣١).
(٢) انظر الذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب، الجزء (الثاني)، صفحة ١٤٥.
(٣) انظر كتاب الأشباه والنظائر على مذهب أبي حنيفة، صفحة ١٥٨.