للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيها أيضا عليه ديون لأناس شتى كزيادة في الأخذ ونقص في الدفع فلو تحرى في ذلك وتصدق بثوب قوم بذلك يخرج عن العهدة، قال: فعرف بهذا أن في هذا لا يشترط التصدق بجنس ما عليه. وفي فتاوى قاضيخان: رجل له حق على خصم فمات ولا وارث له تصدق عن صاحب الحق بقدر ما له عليه ليكون وديعة عند الله يوصلها إلى خصمائه يوم القيامة.

وإذا غصب مسلم من ذمي مالا أو سرق منه فإنه يعاقب به يوم القيامة؛ لأن الذمي لا يرجى منه العفو فكانت خصومة الذمي أشد، ثم هل يكفيه أن يقول: لك علي دين فاجعلني في حل أم لا بد أن يعين مقداره، ففي النوازل رجل له على آخر دين وهو لا يعلم بجميع ذلك، فقال له المديون: أبرئني مما لك علي. فقال الدائن: أبرأتك فقال نصير رحمه الله لا يبرأ إلا عن مقدار ما يتوهم أي يظن أنه عليه، وقال محمد بن سلمة رحمه الله عن الكل قال الفقيه أبو الليث حكم القضاء ما قاله محمد بن سلمة وحكم الآخرة ما قاله نصير، وفي القنية من عليه حقوق فاستحل صاحبها ولم يفصلها فجعله في حل يعذر إن علم أنه لو فصله يجعله في حل وإلا فلا قال بعضهم: إنه حسن وإن روى أنه يصير في حل مطلقا. وفي الخلاصة رجل قال لآخر حللني من كل حق هو لك ففعل فأبرأه إن كان صاحب الحق عالما به برئ حكما بالإجماع، وأما ديانة فعند محمد رحمه الله لا يبرأ، وعند أبي يوسف يبرأ وعليه الفتوى- انتهى، وفيه أنه خلاف ما اختاره أبو الليث، ولعل قوله مبني على التقوى (١).

وقد سئل الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى هذا السؤال: إذا دخل عليه محرم لكسبه فما الحكم؟ فأجاب بما نصه:

ج: من دخل عليه محرم لكسبه، فلا يخلو من ثلاث حالات: إحداها: أن يكون عن منفعة محرمة استوفاها من انتقل منه المال


(١) كتاب الفقه الأكبر لأبي حنيفة وشرحه للشيخ ملا علي القارئ الحنفي، ص ٤٤ا- ١٤٥.