للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} (١) وفي قوله: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} (٢) وقوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ} (٣) وقوله: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ} (٤) فإن العبودية لله تعالى تقتضي غاية الذل وغاية المحبة، فالتذلل لله تعالى يستدعي الخضوع والخشية والاستكانة لله تعالى، وأن يرى نفسه حقيرا ذميما مقصرا في واجبه، فيرجع إلى نفسه بالمعاتبة، ويعترف لربه بالفضل والإنعام، وكذلك الحب يستدعى محبة ما يحبه الله وكراهية ما يكرهه من الأقوال والأفعال والإرادات، فظهر بذلك كمال صفة العبودية لرب الأرباب.

٥ - موته - صلى الله عليه وسلم - كغيره من الأنبياء والرسل، قال الله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} (٥) وقال تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} (٦) {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} (٧) ثم إن المسلمين يدينون جميعا بأن الأنبياء قبله قديما قد ماتوا، وانقضت أعمارهم التي كتب الله لهم في الدنيا، وأصبحوا في عالم البرزخ، وحيث ورد في النصوص ما يقتضي حياة الشهداء كقوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} (٨) فإن الأنبياء أولى بهذه الحياة، ومعلوم أن الشهداء قد خرجوا من هذه الحياة الدنيا، وقد قست أموالهم بين الورثة، وحلت نساؤهم لغيرهم، فكان ذلك أوضح دليل على موتهم، ولكن الله تعالى نهى أن نقول لهم أموات في قوله عز وجل: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ} (٩)


(١) سورة البقرة الآية ٢٣
(٢) سورة الإسراء الآية ١
(٣) سورة الكهف الآية ١
(٤) سورة الجن الآية ١٩
(٥) سورة الزمر الآية ٣٠
(٦) سورة الأنبياء الآية ٣٤
(٧) سورة الأنبياء الآية ٣٥
(٨) سورة آل عمران الآية ١٦٩
(٩) سورة البقرة الآية ١٥٤