للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالمنكر، وذلك أن المجاهر بالمنكر حينما يشعر بنفسه مهينا في المجتمع، وحينما يشعر بأن الناس يعتزلونه كما يعتزلون وباء خبيثا فإنه يعود مضطرا أو مختارا إلى الجادة.

عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان (١)».

* * *

وصور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المجتمع ووجوب الأخذ على يد المفسد فيه - حتى لا يكون الهلاك - بالصورة الرائعة التالية، التي رواها الإمام البخاري عن النعمان بن بشير عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا (٢)».

وروى الترمذي عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم (٣)».

وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر (٤)».

ولقد هدد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأمة الإسلامية إذا تهاونت في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقال - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه أبو داود عن ابن مسعود - رضي الله عنه -: «إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أنه كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد وهو على حاله فلا يمنعه


(١) صحيح مسلم الإيمان (٤٩)، سنن الترمذي الفتن (٢١٧٢)، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (٥٠٠٩)، سنن أبو داود الصلاة (١١٤٠)، سنن ابن ماجه الفتن (٤٠١٣)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ١٠).
(٢) صحيح البخاري الشركة (٢٤٩٣)، سنن الترمذي الفتن (٢١٧٣)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٢٧٠).
(٣) مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٣٩١).
(٤) مسند أحمد بن حنبل (٣/ ١٩).