للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلبه، والصبر الذي يتحلى به، والحياء الذي يزينه، والعفة التي ترفعه، والإيمان والتقوى اللذان يحلقان به بعيدا عن دنيا الغافلين.

ولكن هذه الأخلاق قلما تصفو في النفس، وقلما يحتمل الصبر على عنتها معظم الناس، لذا فإن الحق تبارك اسمه يقول:

{وَالْعَصْرِ} (١) {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (٢).

ولا يستثنى من ذلك: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} (٣) بقلوبهم ونطقوا بألسنتهم، {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (٤) بجوارحهم، {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ} (٥) وهو أداء الطاعات، وترك المحرمات {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (٦) على المصاب، وأذى من يؤذي، ممن يأمرونه بالمعروف، وينهونه عن المنكر (٧).

وعند التأمل في هذه السورة، نعلم أنها قد شخصت الداء وأعطت الناجع من الدواء. . . روي عن الإمام الشافعي - رضي الله عنه - أنه قال: " لو فكر الناس كلهم في سورة العصر لكفتهم ".

وخلاصة القول نجدها فيما ذكر الإمام ابن تيمية - رحمه الله - إن الأمر والنهي لازمان للإنسان. ". . . وكل البشر على وجه الأرض فلا بد له من أمر ونهي، ولا بد أن يؤمر وينهى، حتى لو أنه وحده لكان يأمر نفسه وينهاها، إما بمعروف، وإما بمنكر كما قال تعالى: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} (٨) انتهى.

ولا شك أن هذا الذي قررناه يسقط زعم بعض مرضى القلوب، ممن يرفضون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكنهم يخدعون الناس ببريق الألفاظ الزائفة


(١) سورة العصر الآية ١
(٢) سورة العصر الآية ٢
(٣) سورة العصر الآية ٣
(٤) سورة العصر الآية ٣
(٥) سورة العصر الآية ٣
(٦) سورة العصر الآية ٣
(٧) انظر مختصر تفسير ابن كثير للصابوني، ج ٣، ص ٦٧٤ (طبع دار القرآن)، بيروت ١٩٨١ م).
(٨) سورة يوسف الآية ٥٣