من مطالب الإسلام إذا نقي مما التصق به في العهود الأخيرة، وقد اتصف بهذا الجانب الرعيل الأول من المسلمين من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولولا هذا الإيمان القوي والولوع والحب العميق وقوة العاطفة لما ظهرت منهم هذه الروائع الإيمانية والبطولات التي لا نظير لها في تاريخ الأمم ".
إن إهمال هذا الجانب قد جنى على نظامنا التعليمي جناية كبيرة، وأفقده العمق والرقة والسمو، وقوة المقاومة، وصلاحية الإبداع، وإشعال القرائح وتدفقها، فأصبح نظامنا التعليمي نظاما خشبيا جامدا لا حياة فيه ولا حركة، ولا نمو فيه ولا ازدهار، وأصبحت مراكزنا الثقافية وجامعاتنا الإسلامية مراكز حياة رتيبة جامدة يسود عليها الركود، ويهيمن عليها الجمود، وتتحكم فيها القوانين واللائحات.
إن أهم نقاط الضعف التي جعلت تعليمنا يبتعد عن أصالته هو عدم اعتماد فلسفة تربوية مستمدة من فلسفتنا الحياتية الكلية لتوجيه البحث في العلوم المختلفة بنوعيها الطبيعي والإنساني، والعلاج يكمن في أسلمة هذه العلوم، وإعادة النظر في طرق البحث المستعملة في بعضها، ومن ثم يجب أن تدرس هذه العلوم بطريقة تساعد على بيان عظمة الخالق - عز وجل - وترسيخ إيماننا به، وإحكام سيطرتنا على الطبيعة والكون واستغلال ثرواتهما.
كما أن هناك قضية أكبر ألا وهي مشكلة التغريب الثقافي الذي تتعرض له الأجيال الإسلامية، وهو تغريب ناجم عن التبعية للأجنبي في الشرق والغرب فكرا وسلوكا، وعن الانجذاب إلى ثقافته، انطلاقا من فكرة شاعت - بتأثير الثقافة الأجنبية نفسها - قوامها أن هناك نموذجا ثقافيا واحدا ووحيدا، هو النموذج الغربي، وأن كل ابتعاد عنه عجز وتخلف. إن هذا التغريب ما يزال يحول بيننا وبين أن نختار طريقنا الثقافي الإسلامي المتميز، اختيارا واعيا، وإن الخلاص منه وكسر التبعية للغرب هما اللذان يمكنانا من أن نحقق التكامل