للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: نعم. . أم عمرو بن كلثوم. قال. . ولم؟ قالوا: لأن أباها مهلهل بن ربيعة، وعمها كليب وائل أعز العرب. . وبعلها كلثوم بن مالك أفرس العرب، وابنها عمرو بن كلثوم وهو سيد قومه وليث كتيبته، فأرسل عمرو بن هند إلى عمرو بن كلثوم يستزيره ويسأله أن تزور أمه أمه. فأقبل ابن كلثوم من الجزيرة في جماعة من بني تغلب، وأقبلت " ليلى " أمه في ظعن منهم. . وأمر عمرو بن هند برواقه فضرب فيما بين الحيرة والفرات، وأرسل إلى وجوه أهل مملكته فحضروا. . ودخل ابن كلثوم إلى جانب الرواق، وكان بين الاثنين صلة نسب. . قالوا. وقد كان عمرو بن هند أوصى أمه أن تنحي الخدم إذا دعا بالطرف. وتستخدم " ليلى ". فلما فعل قالت هند لزائرتها بعد أن اطمأن بها المجلس: ناوليني " يا ليلى " ذلك الطبق. . فقالت " ليلى " في نفور وأنفة: لتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها، فأعادت هند عليها وألحت. وإذ ذاك صاحت " ليلى " واذلاه: يا لتغلب! فسمعها ابنها فثار الدم في وجهه. . وانتقض انتفاضة المحموم وقال: لا ذل لتغلب بعد اليوم. ثم نظر حوله فإذا سيف معلق بالرواق ليس هناك سيف غيره، فوثب إليه مهتاجا وأطاح به رأس ابن هند!! وأنشد يومئذ معلقته مرتجلا:

أبا هند فلا تعجل علينا ... وأنظرنا نخبرك اليقينا

بأنا نورد الرايات بيضا ... ونصدرهن حمرا قد روينا

ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا

بأي مشيئة عمرو بن هند ... تطيع بنا الوشاة وتزدرينا

تهددنا وأوعدنا رويدا ... متى كنا لأمك مقتوينا

على آثارنا بيض حسان ... نحاذر أن تقسم أو تهونا

إذا لم نحمهن فلا بقينا ... لشيء بعدهن ولا حيينا

ومهما يكن من أمر هذه الحادثة. . صدقا، أو إحالة، أو تزييفا. . . فإنها أبدا لا تفقد ظلالها الرائعة العميقة، التي تؤكد دور الأم ومكانتها السامقة في هذا المجتمع الجاهلي العريض. . .

* * *

أرأيت كيف أن محاولة للتهوين من شأن " أم " كانت سببا في قتل ملك. . وثورة قبيلة؟ إن مثل هذا المجتمع كان من غير شك يقدس الأمومة، ويرى فيها حمى لا بد أن يحمى. . ومعنى خالدا كبيرا لا بد أن يصان. . .

* * *

وإذا

أردنا مزيدا من الوثائق التاريخية التي تؤيد هذا المنزع، وتزكي هذا الاتجاه. . فحسبنا أن نرجع