للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهي أيضا من (حروف الشرط) للمستقبل، وفي هذه الحال لا تفيد الامتناع نحو قوله تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا} (١) يعني أن يتركوا، وكلمة (خافوا) في تتمة الآية ماض جواب الشرط والتقدير (لو تركوا لخافوا) وحذفت اللام هنا من جواب الشرط، وهو جائز كما في قوله تعالى: {لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا} (٢) ولم تحذف في قوله تعالى: {لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا} (٣) وإثبات اللام أكثر، أما إذا جاء جوابها منفيا فالأكثر حذفها نحو قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} (٤) وتأتي أيضا (للتقليل) كما ورد في الحديث الشريف «التمس ولو خاتما من حديد (٥)». وفي الحديث الآخر «أدوا العلائق. قالوا وما العلائق؟ قال ما تراضى عليه الأهلون ولو قضيبا من أراك». رواه الدارقطني والطبراني وفي الحديث أيضا «تصدقوا ولو بظلف محرق (٦)» كل ذلك للتقليل.

* * *

وقد يأتي جوابها في المعنى لا في اللفظ. قال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسير قول الله عز وجل: {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (٧) إن كلمة (لمثوبة) جواب (لو) عند قوم. وقال الأخفش سعيد (لو) ليس لها هنا جواب في اللفظ ولكن في المعنى، المعنى (لأثيبوا) وموضع (أن) من قوله: (ولو أنهم) موضع رفع، أي لو وقع إيمانهم، لأن (لو) لا يليها إلا الفعل ظاهرا أو مضمرا؛ لأنها بمنزلة حروف الشرط إذ كان لا بد لها من جواب و (أن) يليه فعل. قال (محمد بن يزيد) وإنما لم يجازوا بلو لأن سبيل حروف المجازاة كلها أن تقلب الماضي إلى معنى المستقبل فلما لم يكن هذا في (لو) لم يجز أن نجازي بها (٨). وقال ابن هشام: في أوضح المسالك قيل: إن الجملة مستأنفة أو جواب لقسم مقدر.

وقال الإمام الطبري في تفسيره: أنكر بعض نحويي أهل البصرة على الأخفش وقال: إن جواب قوله: {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا} (٩) هو قوله: (لمثوبة) وقال: إن (لو) إنما أجيبت بالمثوبة وإن كانت أخبر بها بالماضي من الفعل لتقارب معناها من معنى (لئن).


(١) سورة النساء الآية ٩
(٢) سورة الواقعة الآية ٧٠
(٣) سورة الواقعة الآية ٦٥
(٤) سورة الأنعام الآية ١١٢
(٥) صحيح البخاري النكاح (٥١٣٥)، صحيح مسلم النكاح (١٤٢٥)، سنن الترمذي النكاح (١١١٤)، سنن النسائي النكاح (٣٣٥٩)، سنن أبو داود النكاح (٢١١١)، سنن ابن ماجه النكاح (١٨٨٩)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٣٣٦)، موطأ مالك النكاح (١١١٨)، سنن الدارمي النكاح (٢٢٠١).
(٦) سنن الترمذي الزكاة (٦٦٥)، سنن أبو داود الزكاة (١٦٦٧)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٣٨٢)، موطأ مالك الجامع (١٧١٤).
(٧) سورة البقرة الآية ١٠٣
(٨) تفسير القرطبي ٢ ـ ٥٦.
(٩) سورة البقرة الآية ١٠٣